للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحراسته وحياطته، ويحفّه بعزه وأيده (١)، ويجلّله بهاء السكينة فى بهجة الكرامة، ويجّمله بالبقاء والنّجاء (٢)، مالاح فجر وكرّ دهر- ملك إمامة عادلة، خلفت نبوّة فجرت على رسمها وسننها، وارتسمت أمرها، وأقامت شرائعها، ودعت إلى سبلها، مستنصرة بأيدها، منتجزة لوعدها، وإن يوما واحدا من إمامة عادلة خير عند الله من عمر الدّنيا تملّكا وجبريّة.

ونحن نسأل الله تعالى أن يديم نعمه علينا، وإحسانه إلينا، بشرف الولاية، ثم يحسن العاقبة بما وفّر علينا فخره وعلاه، ومجده وإحسانه، إن شاء الله، وبه الثقة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وأمّا الفداء ورأيك فى تخليص الأسرى، فإنا وإن كنا واثقين لمن فى أيديكم بإحدى الحسنيين، وعلى بيّنة لهم من أمرهم، وثبات من حسن العاقبة وعظم المثوبة، عالمين بما لهم، فإن فيهم من يؤثر مكانه من ضنك الأسر وشدّة البأساء، على نعيم الدنيا ولذّتها، سكونا إلى ما يتحققه من حسن المنقلب، وجزيل الثواب، ويعلم أن الله قد أعاذه من أن يفتنه، ولم يعذه من أن يبتليه (٣)، وقد تبيّنا مع ذلك فى هذا الباب ما شرعه لنا الأئمة الماضون، والسّلف الصالحون، فوجدنا ذلك موافقا لما التمسته، وغير خارج عما أحببته، فسررنا بما تيسّر منه، وبعثنا الكتب والرسل إلى عمّالنا فى سائر أعمالنا، وعزمنا عليهم فى جمع كل من قبلهم وأتباعهم بما وفر الإيمان فى إنفاذهم، وبذلنا فى ذلك كلّ ممكن، وأخّرنا إجابتك عن كتابك، ليتقدم فعلنا قولنا، وإنجازنا وعدنا، ويوشك أن يكون قد ظهر لك من ذلك ما وقع أحسن الموقع منك إن شاء الله.

وأما ما ابتدأتنا به من المواصلة، واستشعرته لنا من المودة والمحبة، فإن عندنا فى مقابلة ذلك ما توجبه السياسة التى تجمعنا على اختلاف المذاهب، وتقتضيه نسبة الشرف الذى يؤلّفنا على تباين النّحل، فإن ذلك من الأسباب التى تخصنا وإياك،


(١) الأيد: القوة.
(٢) النجاء: المجاة.
(٣) مكرر مع ما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>