للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو النّجارية من الخزرج، فتنصّف (١) عبد المطلب عمّه فلم ينصفه، فكتب إلى أخواله:

يا طول ليلى لأحزانى وأشغالى ... هل من رسول إلى النّجّار أخوالى؟

ينبى «عديّا» و «دينارا» و «مازنها» ... و «مالكا» عصمة الجيران، عن حالى

قد كنت فيكم ولا أخشى ظلامة ذى ... ظلم عزيزا منيعا ناعم البال (٢)

حتى ارتحلت إلى قومى وأزعجنى ... عن ذاك «مطّلب» عمّى بترحالى

وكنت- ما كان حيّا- ناعما جذلا ... أمشى العرضنة سحّابا لأذيالى (٣)

فغاب «مطّلب» فى قعر مظلمة ... وقام نوفل كى يعدو على مالى (٤)

أأن رأى رجلا غابت عمومته ... وغاب أخواله عنه بلا والى

أنحى عليه ولم يحفظ له رحما ... ما أمنع المرء بين العمّ والخال!

فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكم ... لا تخذلوه وما أنتم بخذّال (٥)

ما مثلكم فى بنى قحطان قاطبة ... حىّ لجار وإنعام وإفضال (٦)


- فيه، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن فى عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن فى عقد قريش وعهدهم، كما سيأتى، وكان بين خزاعة وبكر دماء فى الجاهلية كمنت نارها بظهور الإسلام، فلما كانت الهدنة، وقف رجل بكرى يتغنى بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على مسمع من رجل خزاعى، فضربه الخزاعى، فحرك ذلك كامن الأحقاد، وهب بنو بكر للثأر من أعدائهم، واستعانوا بأوليائهم من قريش، فأعانوهم سرا بالعدة والرجال، ثم قصدوا إلى خزاعة وهم آمنون، فقتلوا منهم ما يربو على العشرين، فبعثت خزاعة وفدا منهم إلى رسول الله ليخبره بما فعل بهم بنو بكر وقريش، فقال لهم: والله لأمنعنكم مما أمنع منه نفسى، وكان ذلك سبب فتحه مكة.
(١) تنصفه: سأله أن ينصفه.
(٢) الظلامة: ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما أخذه منك.
(٣) من قولهم: فلان يمشى العرضنة والعرضنى بالقصر: أى فى مشيته بغى من نشاطه.
(٤) عدا عليه: ظلمه. منع نوفل من الصرف لضرورة الشعر.
(٥) استنفره: دعاه أن ينفر معه، ونفر للحرب كضرب: أسرع إليها.
(٦) قاطبة: جميعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>