للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب عمر بن الخطاب إلى عتبة بن غزوان عامله على البصرة:

«أما بعد: فقد أصبحت أميرا تقول فيسمع لك، وتأمر فينفذ أمرك، فيا لها نعمة إن لم ترفعك فوق قدرك، وتطغك على من دونك، فاحترس من النعمة أشدّ من احتراسك من المعصية، وإياك أن تسقط سقطة لا شوى (١) لها، وتعثر عثرة لا لعا لها (٢)»

(العقد الفريد ١: ٣٠٠)

*** وروى الطبرى قال:

قال عمر لعتبة بن غزوان إذ وجّهه إلى البصرة:

«يا عتبة: إنى قد استعملتك على أرض الهند (٣)، وهى حومة (٤) من حومة العدو، وأرجو أن يكفيك الله ما حولها، وأن يعينك عليها، وقد كتبت إلى العلاء ابن الحضرمىّ أن يمدّك بعرفجة بن هرثمة، وهو ذو مجاهدة للعدو ومكابدة، فإذا قدم عليك فاستشره وقرّبه، وادع إلى الله، فمن أجابك فاقبل منه، ومن أبى فالجزية عن صغار وذلّة، وإلّا فالسيف فى غير هوادة.

واتّق الله فيما ولّيت. وإياك أن تنازعك نفسك إلى كبر يفسد عليك إخوتك، وقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعززت به بعد الذّلّة، وقويت به بعد الضعف، حتى صرت أميرا مسلّطا، وملكا مطاعا تقول فيسمع منك، وتأمر فيطاع أمرك، فيالها نعمة إن لم ترفعك فوق قدرك، وتبطرك على من دونك، احتفظ من النعمة احتفاظك من المعصية، ولهى أخوفها عندى عليك أن تستدرجك وتخدعك،


(١) أشوى من الشئ: أبقى منه بعضا، والاسم الشوى، ولا شوى لها: أى لا إبقاء لها، أو لا برء لها.
(٢) لعا: كلمة يدعى بها للعاثر معناها الارتفاع، فإذا دعى له بأن ينتعش قيل:
لعا له ويقال: لا لعا له أى لا أقامه الله.
(٣) وكانت البصرة يومئذ تدعى أرض الهند، فيها حجارة بيض خشن، والبصرة كل أرض حجارتها جص- انظر الطبرى ٤: ١٤٩ ومروج الذهب ١: ٤٢٦.
(٤) حومة القتال وغيره: أشد موضع فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>