للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن أبى الحديد أن عليا عليه السلام لما بويع بالخلافة كتب إلى معاوية يأمره أن يبايع له (١)، فلما قدم رسوله على معاوية وقرأ كتابه، بعث رجلا من بنى عميس، وكتب معه كتابا إلى الزّبير بن العوّام، وفيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبى سفيان سلام عليك، أما بعد فإنى قد بايعت لك أهل الشأم، فأجابوا واستوسقوا (٢) كما يستوسق الحلب، فدونك الكوفة والبصرة لا يسبقك إليهما ابن أبى طالب، فإنه لا شئ بعد هذين المصرين، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك، فأظهرا الطلب بدم عثمان، وادعوا الناس إلى ذلك، وليكن منكما الجدّ والتشمير، أظفر كما الله، وخذل مناوئكما (٣)».

فسرّ الزبير بهذا الكتاب، وأعلم به طلحة، ولم يشكّا فى النّصح لهما من قبل معاوية، وأجمعا عند ذلك على خلاف على عليه السلام.

(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٧٧)


(١) سيرد كتابه بعد.
(٢) أى اجتمعوا، الحلب: اللبن المحلوب. وروى الطبرى أن طلحة والزبير سألاعليا أن يؤمر هما على الكوفة والبصرة، فقال: تكونان عندى فأتجمل بكما فإنى وحش لفراقكما (انظرج ٥: ص ١٥٣).
وروى ابن أبى الحديد أنهما طلبا من على أن يوليهما المصرين البصرة والكوفة. فقال حتى أنظر، ثم استشار المغيرة بن شعبة فقال له: أرى أن توليهما إلى أن يستقيم لك أمر الناس، فخلا بابن عباس، وقال: ما ترى؟ قال: يا أمير المؤمنين إن الكوفة والبصرة عين الخلافة، وبهما كنوز الرجال، ومكان طلحة والزبير من الإسلام ما قد علمت، ولست آمنهما إن وليتهما أن يحدثا أمرا، فأخذ على برأى ابن عباس (انظر ج ١: ص ٧٧).
فلما يئسا منه استأذناه فى العمرة، فقال: لعلكما تريدان البصرة أو الشأم! فأقسما أنهما لا يقصدان غير مكة، فأذن لهما، فلحقا بعائشة (انظر مروج الذهب ج ٢: ص ٦).
وروى الطبرى أيضا أن سعيد بن العاص لقى مروان بن الحكم وأصحابه بذات عرق- حين خرجوا إلى البصرة- فقال: أين تذهبون؟ قالوا: نسير فلعلنا نقتل قتلة عثمان جميعا، فخلا سعيد بطلحة والزبير، فقال:
إن ظفر تما لمن تجعلان الأمر؟ اصدقانى، قالا: لأحدنا، أينا اختاره الناس، قال: بل اجعلوه لولد عثمان، فإنكم خرجتم تطلبون بدمه، قالا: ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم! ! ) انظر ج ٥ ص ١٦٨).
وروى أنه لما تواقف الفريقان بالبصرة (أصحاب على وأصحاب عائشة) خرج على على فرسه فدعا الزبير فتواقفا، فقال على له. ما جاء بك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا، ولا أولى به منا، فقال على لست له أهلا بعد عثمان! ! ! (انظر ج ٥: ص ١٦٨).
(٣) المناوئ: المعادى.

<<  <  ج: ص:  >  >>