للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكتب «باسمك اللهمّ (١)» كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتب إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، * فقال النبى صلى الله عليه وسلم اكتب: «باسمك اللهمّ» فكتبها، ثم قال اكتب: «هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو» فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب «محمد بن عبد الله» فقال صلى الله عليه وسلم: والله إنى لرسول الله وإن كذّبتمونى، ثم قال لعلىّ كرم الله وجهه: امح رسول الله، فقال: والله لا أمحوك أبدا، فقال: أرنيه، فأراه إياه، فمحاه بيده الشريفة، وقال: اكتب:

«هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو: اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن فيهن الناس، ويكفّ بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردّوه عليه، وأنّ بيننا عيبة مكفوفة (٢) وأنه لا إسلال ولا إغلال (٣)، وأنه من أحبّ أن يدخل


(١) قدمنا أن قريشا كانت فبل البعثة تكتب فى أول كتبها: «باسمك اللهم». وجاء فى السيرة الحلبية أنه عليه الصلاة والسلام كتبها فى أربعة كتب. ج ٢: ص ١٤٣. وجاء فى صبح الأعشى. ج ٦ ص ٢١٩.
«روى محمد بن سعد فى طبقاته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب كما تكتب قريش: «باسمك اللهم». حتى نزل عليه: «وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها» فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ».* حتى نزل: «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ». فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ».* حتى نزل: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ». فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» * وكذا ورد فى السيرة الحلبية.
(٢) العيبة فى الأصل: زبيل من أدم، وما يجعل فيه الثياب والجمع عياب بالكسر، وعيبة مكفوفة: مشرجة مشدودة على ما فيها، والعرب تشبه الصدور التى فيها القلوب بالعياب التى تشرج على حر الثياب وفاخر المتاع، فجعل عليه الصلاة والسلام العياب المشرجة على ما فيها مثلا للقلوب طويت على ما تعاقدوا عليه، مثل بها الذمة المحفوظة التى لا تنكث. أو معناه أن الشر يكون مكفوفا بينهم كما تكف العياب إذا أشرجت على ما فيها من المتاع، كذلك الدخول التى كانت بينهم قد اصطلحوا على أن لا ينشروها، بل يتكافون عنها كأنهم قد جعلوها فى وعاء وأشرجوا عليها.
(٣) لا إسلال: أى لا سرقة. وقيل: لا رشوة، من أسل إذا سرق، وسله كنصر سلا مثله، ولا إغلال: أى لا خيانة، من أغل إذا خان، وغل كنصر غلولا مثله:

<<  <  ج: ص:  >  >>