للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقبائل من لدن الصباح إلى المساء إلّا على قعبية (١)، فإن دهمكم عدوّ أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدّمتم فى التعبية، فإذا نزلتم بعدو أو نزل بكم فليكن معسكركم فى قبل الأشراف (٢)، وأسفاح الجبال، وأثناء الأنهار، كيما يكون ذلك لكم ردءا، وتكون مقاتلتكم من وجه واحد، أو اثنين، واجعلوا رقباء كما فى صياصى (٣) الجبال، وبأعالى الأشراف، ومناكب الأنهار، يرون لكم، لا يأتيكم عدوّ من مكان مخافة أو أمن، وإياكم والتفرق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعا، وإذا رحتم فارحلوا جميعا، فإذا غشيكم الليل فنزلتم فحفّوا عسكركم بالرّماح والتّرسة، ولتكن رماتكم من وراء تراسكم، ورماحكم يلونهم، وما أقمتم فكذلك فافعلوا، كى لا يصاب لكم غفلة، ولا يلفى لكم غرّة، فما قوم يحفّون عسكرهم برماحهم وترستهم من ليل أو نهار، إلا كانوا كأنهم فى حصون، واحرسا عسكركما بأنفسكما، وإياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلا غرارا (٤) أو مضمضة، ثم ليكن ذلك شأنكما ودأبكما حتى تنتهيا إلى عدو كما، وليكن كلّ يوم عندى خبر كما ورسول من قبلكما، فإنى- ولا شئ إلا ما شاء الله- حثيث (٥) السير فى إثركما، وعليكما فى جريكما بالتّؤدة، وإياكما والعجلة إلا أن تمكنكما فرصة بعد الإعذار والحجة، وإياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما، إلا أن تبدأا، أو يأتيكما أمرى إن شاء الله».

(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٢٨٥)


(١) فى الأصل «بقية» وهو تحريف.
(٢) الأشراف: جمع شرف بالتحريك وهو المكان العالى. وقبل الجبل بضمة وبضمتين. صفحه، وهو أصلة أو الحضيض الأسفل، وقد ورد فى كتب اللغة جمعه على سفوح، والأثناء جمع ثنى بالكسر وثنى النهر منعطفه، والردء: العون.
(٣) الصياصى جمع صيصية: وهى كل ما امتنع به وتحصن.
(٤) الغرار: القليل من النوم، ومضمض النعاس فى عينه: دب، وما مضمضت عينى بنوم أى ما نامت.
(٥) أى سريع.

<<  <  ج: ص:  >  >>