للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الشأم، وذلك أن عليّا عليه السلام قال: لأناجزنّهم (١) مصبحا، وتناقل الناس كلمته، ففزع أهل الشأم لذلك، فقال معاوية: قد رأيت أن أعاود عليّا وأسأله إقرارى على الشأم، فقد كنت كتبت إليه فى ذلك فلم يجب إليه، ولأكتبنّ ثانية، فألقى فى نفسه الشك والرّقة، فكتب إليه:

«أما بعد: فإنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت، لم يجنها بعضنا على بعض، ولئن كنا قد غلبنا على عقولنا، لقد بقى لنا منها ما نندم (٢) به على ما مضى، ونصلح به ما بقى، وقد كنت سألتك الشأم على أن لا تلزمنى لك بيعة وطاعة، فأبيت ذلك علىّ، فأعطانى الله ما منعت، وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس، فإنى لا أرجو من البقاء إلا ما ترجو، ولا أخاف من الفناء (٣) إلا ما تخاف، وقد والله رقّت الأجناد، وذهبت الرجال، ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل، إلّا فضل لا يستذلّ به عزيز، ولا يسترقّ به حرّ، والسلام».

(شرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ٢٤، ومروج الذهب ٢: ٦٠ والإمامة والسياسة ١: ٨٨)


- وعماس»: ولا أدرى: أهذه الأسماء مواضع، أم هى من الرمث والغوث والعمس اه ج ١: ص ٢٩٦ (والرمث كسبب: خشب يضم بعضه إلى بعض ويشد ثم يركب فى البحر، وجمعه أرماث، والعمس كسبب أيضا: الشدة، وأمر عمس كشمس وعماس كسحاب: شديد مظلم لا يدرى من أين يؤتى له) وأقول:
لعل تسمية اليوم الأول بيوم أرماث أن رستم قائد الفرس لما أراد عبور نهر العتيق، أمر بسكره (وسكر النهر كنصر سده) فباتوا ليلتهم يسكرونه حتى الصباح بالتراب والقصب والبراذع والأمتعة حتى جعلوه طريقا (انظر تاريخ الطبرى ٤: ١١٢) وذلك أشبه بالأرماث ولعل تسمية اليوم الثانى بيوم أغواث:
أنه قدم على المسلمين فيه مدد من الشام، بعثه أبو عبيدة بأمر عمر، وعليه هاشم بن عتبة بن أبى وقاص، وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو (تاريخ الطبرى ٤: ١٢٠) فكان ذلك المدد غوثا لهم، ولعل تسمية اليوم الثالث بيوم عماس، لما كان فيه من الشدة، ولم يكن فى أيام القادسية مثله (تاريخ الطبرى ٤: ١٢٦):
(١) المناجزة: المعاجلة فى القتال. وقد ذكروا أنه بعد انتهاء القتال يوم الثلاثاء سابع أيام صفين قال على: حتى متى لا نناهض هؤلاء القوم بأجمعنا؟ ثم خرج إليهم فى اليوم الثامن يوم الأربعاء بنفسه (انظر تاريخ الطبرى ٦: ٧ ومروج الذهب ٢: ٢٠).
(٢) فى الإمامة والسياسة «ما نذم به ما مضى» وفى مروج الذهب «ما نرد به ما مضى».
(٣) فى مروج الذهب «من القتال» وفى ابن أبى الحديد «من الموت».

<<  <  ج: ص:  >  >>