للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضل فريسته، فأذهبت دنياك وآخرتك، ولو بالحق أخذت، أدركت ما طلبت (١)، فإن يمكن الله منك ومن ابن أبى سفيان، أجزكما بما قدّمتما، وإن تعجزا (٢) وتبقيا فما أمامكما شرّ لكما، والسلام».

(نهج البلاغة ٢: ٤٥)

صورة أخرى

وقال ابن أبى الحديد فى شرح النهج:

ذكر نصر بن مزاحم فى كتاب صفّين هذا الكتاب بزيادة لم يذكرها الرّضىّ. قال نصر:

كتب علىّ عليه السلام إلى عمرو بن العاص:

«من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى الأبتر بن الأبتر عمرو بن العاص بن وائل، شانئ محمد وآل محمد فى الجاهلية والإسلام (٣).

سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإنك تركت مروءتك لامرئ فاسق مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفّه الحليم بخلطته، فصار قلبك لقلبه تبعا، كما قيل: «وافق شنّ طبقة (٤)»، فسلبك دينك وأمانتك، ودنياك وآخرتك،


(١) كان عمرو يطلب ملك مصر، وقد عاقد معاوية على نصرته على أن يجعل له مصر طعمة كما قدمنا، ولم يكن على لينيله مأربه، فمعنى أدركت ما طلبت أى فى الآخرة فإن ثواب الله فيها خير من عرض زائل بائد.
(٢) أى وإن تعجزانى أو تبقيا بعدى فما أما مكما من عقاب الله شر لكما من جزائى.
(٣) الشانئ: المبغض، ويسهل، وذلك أن العاص بن وائل سمى النبى صلى الله عليه وسلم أبتر عند موت ابنه القاسم فنزل فيه «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» أى المنقطع عن كل خير الذى لا يفوز بالذكر الحسن بعد موته، وأما أنت يا محمد فسيبقى حسن ذكرك وآثار فضلك إلى يوم القيامة، فهو الأبتر لا أنت
(٤) هو مثل، وذلك أنه كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم يقال له شن، فقال: والله لأطوفن حتى أجد امراة مثلى أتزوجها، فبينما هو فى بعض مسيره إذ وافقه رجل فى الطريق، فسأله شن: أين تريد، فقال: موضع كذا، يريد القرية التى يقصدها شن فرافقه حتى أخذا فى مسيرهما، قال له شن:
أتحملنى أم أحملك؟ فقال له الرجل: يا جاهل، أنا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملنى، فسكت عنه شن، وسارا حتى إذا قربا من القرية وإذا بزرع قد استحصد (أى آن له أن يحصد)، فقال شن:
أترى هذا الزرع أكل أم لا؟ فقال له الرجل: يا جاهل، ترى نبتا مستحصدا فتقول: أكل أم لا؟
فسكت عنه شن، حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة، فقال شن: أترى صاحب هذا النعش حيا أو ميتا؟ -

<<  <  ج: ص:  >  >>