للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل أنت قم فاخطب، فأنت أحق بذلك، قال عمرو: ما أحب أن أتقدّمك، وما قولى وقولك للناس إلا قول واحد، فقم راشدا.

فقام أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم قال:

«أيها الناس، إنا قد نظرنا فى أمرنا فرأينا أقرب ما يحضرنا من الأمن والصلاح ولمّ الشّعث، وحقن الدماء، وجمع الألفة، خلعنا عليّا ومعاوية، وقد خلعت عليّا كما خلعت عمامتى هذه- وأهوى إلى عمامته فخلعها- واستخلفنا رجلا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وصحب أبوه النبى صلى الله عليه وسلم، فبرّز فى سابقته، وهو عبد الله ابن عمر (١)» وأطراه ورغّب الناس فيه ونزل.

فقام عمرو، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:

«أيها الناس، إن أبا موسى عبد الله بن قيس خلع عليّا وأخرجه من هذا الأمر الذى يطلب، وهو أعلم به، ألا وإنى خلعت عليا معه، وأثبتّ معاوية علىّ وعليكم، وإن أبا موسى قد كتب فى الصحيفة أن عثمان قد قتل مظلوما شهيدا، وأن لوليّه أن يطلب بدمه حيث كان، وقد صحب معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وصحب أبوه النبى صلى الله عليه وسلم» وأطراه ورغّب الناس فيه، وقال: هو الخليفة علينا، وله طاعتنا وبيعتنا على الطلب بدم عثمان.


(١) وفى غير هذه الرواية أنه لما التقى الحكمان جعل عمرو يجب إلى أبى موسى أن يولى معاوية، ويعدد له محاسنه، ثم عرض له بالسلطان فقال: إن ولى معاوية أكرمك كرامة لم يكرمكها خليفة، فأبى عليه أبو موسى، وكان فيما قال له: فو الله لو خرج لى من سلطانه كله ما وليته، وما كنت لأرتشى فى حكم الله عز وجل، ولكنك إن شئت أحيينا اسم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وأراده أبو موسى على عبد الله بن عمر فأبى عليه، وقال له: إن كنت تحب بيعة ابن عمر فما يمنعك من ابنى وأنت تعرف فضله وصلاحه؟ فقال: إن ابنك رجل صدق ولكنك قد غمسته فى هذه الفتنة، فقال له عمرو: خبرنى ما رأيك؟
قال: رأيى أن نخلع هذين الرجلين، ونجعل الأمر شورى بين المسلمين فيختارون لأنفسهم من أحبوا، فقال له عمرو: فإن الرأى ما رأيت، فقدم عمرو أبا موسى، فقال أبو موسى إنى قد خلعت عليا ومعاوية «فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلا، ثم تنحى، وقام عمرو فقال: إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحى معاوية- انظر تاريخ الطبرى ج:
٦ ص ٣٨ - ٤٠، ومروج الذهب ج ٢، ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>