للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو شتيمة رجل، أو فى تسييره آخر أو فى استعماله الفتىّ من أهله (١)، فإنكم قد علمتم- إن كنتم تعلمون- أنّ دمه لم يكن يحلّ لكم بذلك، فقد ركبتم عظيما من الأمر، وجئتم شيئا إدّا (٢)، فتب إلى الله عزّ وجل يا قيس بن سعد، فإنك كنت فى المجلبين (٣) على عثمان بن عفان رضى الله عنه، إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغنى شيئا.

فأمّا صاحبك فإنا استيقنّا أنه الذى أغرى به الناس، وحملهم على قتله حتى قتلوه، وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك، فإن استطعت يا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل، تابعنا على أمرنا، ولك سلطان العراقين إذا ظهرت ما بقيت، ولمن


(١) الفتى جمع فتى، وفى النجوم الزاهرة «أو شتمة شتمها، أو فى سير سيره، أو فى استعماله الفىء، علمتم ... الخ» وذكروا أنه اجتمع ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وسنة صاحبيه، وكان مما ضمنوه كتابهم هبته خمس أفريقية لمروان وفيه حق الله ورسوله وذوى القربى واليتامى والمساكين، وما كان من إفشائه العمل والولايات فى أهله وبنى عمه من بنى أمية وهم أحداث لا صحبة لهم من الرسول ولا تجربة لهم بالأمور، وتركه المهاجرين والأنصار لا يستعملهم على شئ ولا يستشيرهم، ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب فى يد عثمان، وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وكانوا عشرة فلما خرجوا به ليدفعوه إلى عثمان والكتاب فى يد عمار، جعلوا يتسللون عنه حتى بقى وحده، فمضى حتى جاء دار عثمان فاستأذن عليه فأذن له فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بنى أمية فدفع إليه الكتاب فقرأة فقال:
أنت كتبت هذا الكتاب؟ فقال: نعم، قال: ومن كان معك؟ قال معى نفر تفرقوا فرقا منك، قال: ومن هم؟ قال: لا أخبرك بهم، قال: فلم اجترأت على من بينهم؟ فقال مروان، إن هذا العبد الأسود (يعنى عمارا) قد جرأ الناس عليك، وإنك إن قتلته نكلت به من وراءه فقال عثمان: اضربوه، فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه، فغشى عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار فأمرت به أم سلمة زوج النبى عليه الصلاة والسلام فأدخل منزلها- انظر الإمامة والسياسة ١: ٢٦ - ومما طعنوا به على عثمان تسييره أباذر الغفارى إلى الربذة- وقدمنا لك خبره فى ص ٢٦٣ وقد فصل ابن أبى الحديد فى شرحه لنهج البلاغة الكلام فى المطاعن التى طعن بها على عثمان، انظر م ١: ص ٢٢٦ إلى ٢٤٥، وانظر أيضا العقد الفريد ج ٢: ص ٢١٤ وتاريخ الطبرى ج ٥: ١٠١ ومروج الذهب ج ١: ص ٤٣٧ وغيره.
(٢) الإد: : الأمر الفظيع المنكر.
(٣) الجلبة بالتحريك: اختلاط الأصوات، وقد جلبوا كضرب ونصر وأجلبوا وجلبوا، وفى النجوم الزاهرة «فإنك ممن أعان على قتل عثمان».

<<  <  ج: ص:  >  >>