للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام ما عنده، وأتمّ له ما وعده، وأظهر دعوته، وأفلج (١) حجّته، وقبضه الله إليه صلوات الله عليه، كان أبوك وفاروقه أول من ابتزّه حقّه (٢)، وخالفه على أمره، على ذلك اتّفقا واتّسقا، ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما، فهمّا به الهموم، وأرادا به العظيم، ثم إنه بايعهما وسلّم لهما، وأقاما لا يشركانه فى أمرهما (٣)، ولا يطلعانه على سرهما، حتى قبضهما الله، وانقضى أمرهما، ثم قام ثالثهما عثمان فهدى بهديهما، وسار بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصى، من أهل المعاصى، فطلبتما له الغوائل، حتى بلغتما فيه مناكما.

فخذ حذرك يا بن أبى بكر، فسترى وبال أمرك، وقس شبرك بفترك تقصر عن أن توازى أو تساوى من يزن الجبال حلمه، ولا تلين على قسر (٤) قناته، ولا يدرك ذو مدى (٥) أناته، أبوك مهّد له مهاده، وبنى ملكه وشاده، فإن بك ما نحن فيه صوابا فأبوك أوّله، وإن يكن جورا فأبوك أسّه (٦)، ونحن شركاؤه، فبهديه أخذنا وبفعله اقتدينا، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبى طالب، ولسلّمنا إليه، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا، فاحتذينا مثاله، واقتدينا بفعاله، فعب أباك بما بدا لك أو دع، والسلام على من أناب، ورجع من غوايته وتاب».

(مروج الذهب ٢: ٦٠، وشرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٢٨٤)


(١) أى نصرها.
(٢) أى سلبه إياه.
(٣) أقول: وكيف يتفق هذا مع ما عرف من أن عمر رضى الله عنه كان يستشيره فى مهام أموره، فيشير عليه بالرأى السديد والفكر الناضج، من ذلك استشارته إياه حين أزمع أن يتوجه لغزو الفرس بنفسه وأشار عليه الإمام برأى حكيم حصيف- انظر نهج البلاغة ١: ١٥٥ - .
(٤) القسر: القهر والإكراه.
(٥) وفى مروج الذهب «ذو مقال».
(٦) وفيه: «فإن يك ما نحن فيه صوابا فأبوك استبد به ونحن شركاؤه».

<<  <  ج: ص:  >  >>