للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتدحهم فيه بما هم أهله (١)، فاتصل كلام عقيل بصعصعة بن صوحان، فكتب إليه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، ذكر الله أكبر، وبه يستفتح المستفتحون، وأنتم مفاتيح الدنيا والآخرة:

أما بعد: فقد بلغ مولاك (٢) كلامك لعدوّ الله وعدوه، فحمدت الله على ذلك وسألته أن يفئ (٣) بك إلى الدرجة العليا، والقضيب الأحمر، والعمود الأسود، فإنه عمود من فارقه فارق الدّين الأزهر، ولئن نزعت (٤) بك نفسك إلى معاوية طلبا لماله، إنك لذو علم بجميع خصاله، فاحذر أن تعلق بك ناره، فيضلّك عن المحجّة (٥)، فإن الله قد رفع عنكم أهل البيت ما وضعه فى غيركم، فما كان من فضل أو إحسان فيكم وصل إلينا، فأجلّ الله أقداركم، وحمى أخطاركم (٦)، وكتب آثاركم، فإنّ أقداركم مرضيّة، وأخطاركم محميّة، وآثاركم بدريّة، وأنتم سلّم الله إلى خلقه، ووسيلة إلى طرقه، أيد عليّة، ووجوه جليّة: وأنتم كما قال الشاعر (٧):

فما كان من خير أتوه فإنما ... توارثه آباء آبائهم قبل

وهل ينبت الخطّىّ إلا وشيجه ... وتغرس إلّا فى منابتها النخل؟

(مروج الذهب ٢: ٧٦)


(١) قال فيهم: «أما صعصعة فعظيم الشأن، عضب اللسان، قائد فرسان، قاتل أقران، يرتق مافتق، ويفتق مارتق، قليل النظير، وأما زيد وعبد الله فإنهما نهران جاريان، نصب فيهما الخلجان ويغاث بهما البلدان، رجلا جد لا لعب معه، وأما بنو صوحان فكما قال الشاعر:
إذا نزل العدو فإن عندى ... أسودا تخلس الأسد النفوسا
(٢) مولاك هنا، معناه عبدك: يعنى نفسه.
(٣) فاء يفئ: رجع.
(٤) نزعت: مالت واشتاقت.
(٥) المحجة: جادة الطريق.
(٦) أى أقداركم: جمع خطر بالتحريك.
(٧) هو زهير بن أبى سلمى، والبيتان من أبيات قالها فى مدح هرم بن سنان، والخطى: الرمح نسبة إلى الخط: وهو مرفأ السفن بالبحرين، نسبت إليه الرماح لأنها كانت تباع به لا أنه منبتها، والوشيج شجر الرماح.

<<  <  ج: ص:  >  >>