(٢) يشير إلى زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش- وأمها أميمة عمته- بعد أن طلقها مولاه زيد بن حارثة، وذلك أن رسول الله كان خطبها له، فتأفف أهلها من ذلك لشرفها ورفعة حسبها- وكان العرب يأبون أن يزوجوا بناتهم من الموالى- وزيد وإن كان قد تبناه الرسول- لا يلحقه ذلك بالأشراف، فلما نزل قوله تعالى: «وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً» لم يروا بدا من القبول فلما دخل بها زيد أرته من كبريائها ودالتها ما لم يحتمله، فشكاها لرسول الله فأمره باحتمالها والصبر عليها، إلى أن ضاق بها ذرعا، فأخبره بعزمه على طلاقها وكرر ذلك، فأمر الله نبيه أن يتزوج زينب بعد طلاقها، حسما لهذا الشقاق من جهة، وحفظا لشرفها أن يضيع بعد زواجها بمولى من جهة أخرى، ولكن رسول الله خشى لوم اليهود والعرب عليه فى زواجه بزوج ابنه. فقال لزيد أمسك عليك زوجك واتق الله، وأخفى فى نفسه ما أبداه الله فبت الله حكمه بإبطال هذه القاعدة وهى تحريم زوج المتبنى بقوله تعالى: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا».