إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصى رسول الله فانهضوا فى هذا الأمر فحركوه ..... وقد غلا فى على فزعم أنه نبى، ثم غلافيه حتى زعم أنه إله، ودعا إلى ذلك قوما من غواة الكوفة، وقد أتى قوم منهم إلى على، فقالوا له مشافهة: أنت هو، فقال لهم ومن هو؟ قالوا: أنت الله أنت خالقنا ورازقنا، فاستتابهم وتوعدهم، فأقاموا على قولهم، فاستعظم الأمر وأمر بنار فأججت فى حفرتين ودخن عليهم فيهم طمعا فى رجوعهم فأبوا فحرقهم بالنار حتى قال بعض الشعراء فى ذلك: لترم بى الحوادث حيث شاءت ... إذا لم ترم بى فى الحفرتين فجعلوا يقولون وهم يرمون فى النار: الآن صح عندنا أنه الله، لأنه لا يعذب بالنار إلا الله، وفى ذلك يقول رضى الله عنه: لما رأيت الأمر أمرا منكرا ... أججت نارا ودعوت قنبرا «يريد قنبرا مولاه، وهو الذى تولى طرحهم فى النار». ثم إن عليا خاف من إحراق الباقين منهم شماتة أهل الشأم وخاف اختلاف أصحابه عليه، وشفع جماعة من أصحابه منهم عبد الله بن عباس فى عبد الله بن سبأ خاصة، وكان على قد هم بقتله، وقالوا: يا أمير المؤمنين إنه قد تاب فاعف عنه فأطلقه بعد أن اشترط عليه أن لا يقيم بالكوفة ونفاه إلى المدائن، فلما قتل على عليه السلام وبلغ ابن سبإ قتله، قال: لو أتيتمونا بدماغه سبعين مرة ما صدقنا موته، وزعم أن المقتول لم يكن عليا، وإنما كان شيطانا تصور للناس فى صورة على، وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم، وزعموا أنه حى فى السحاب، فإذا أظلتهم سحابة قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن وزعموا أن الرعد صوته والبرق سوطه، وأنه سينزل بعد ذلك إلى الأرض فيملؤها عدلا كما ملئت جورا. (انظر تاريخ الطبرى ٥: ٩٨ والفرق بين الفرق ص ٢٢٣ والملل والنحل للشهرستانى ٢، ١٢ والفصل لابن حزم ٤: ١٣٨ و ١٤٢ وشرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٤٢٥). وقد أراد زياد من وصف الشيعة بالسبئية أن يتنقصهم ويزرى بهم، لما عرف عن السبئية من المعتقدات الفاسدة والمبادئ الباطلة.