ابعد الأشتر النخعى نرجو ... مكاثرة ونقطع بطن وادى ونصحب مذحجا بإخاء صدق ... وإن ننسب فنحن ذرا إياد ثقيف عمنا وأبو أبينا ... وإخوتنا نزار أولو السداد وروى أن المغيرة بن شعبة وهو والى الكوفة صار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر فى الحيرة، وهى فيه عمياء مترهبة، فاستأذن عليها، فقيل لها أمير هذه المدرة بالباب (والمدرة بالتحريك: المدينة) فقالت: قولوا له: أمن ولد جبلة بن الأيهم أنت؟ قال: لا، قالت أفمن ولد المنذر بن ماء السماء؟ قال لا، قالت: فمن أنت؟ قال: المغيرة بن شعبة الثقفى، قالت، فما حاجتك؟ قال: جئتك خاطبا، قالت: لو كنت جئتنى لجمال أو لمال لأطلبتك، (أى أعطيتك ما طلبت) ولكنك أردت أن تتشرف بى فى المحافل فتقول: نكحت ابنة النعمان بن المنذر، وإلا فأى خير فى اجتماع أعور وعمياء؟ (وكانت عينه قد ذهبت فى وقعة اليرموك- انظر ترجمته فى أسد الغابة) فبعث إليها: كيف كان أمركم؟ فقالت: سأختصر لك الجواب: أمسينا وليس فى الأرض عربى إلا وهو يرغب إلينا ويرهبنا، ثم أصبحنا وليس فى الأرض عربى إلا ونحن نرغب إليه ونرهبه، قال: فما كان أبوك يقول فى ثقيف؟ قالت: اختصم إليه رجلان منهم أحدهما ينميها إلى إياد والآخر إلى بكر بن هوازن فقضى بها للإيادى، وقال: إن ثقيفا لم يكن هوازنا ... ولم يناسب عامرا ومازنا (يريد عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور ومازن بن منصور) فقال المغيرة: أما نحن فمن بكر بن هوازن. فليقل أبوك ما شاء ثم انصرف. وقال قوم آخرون إن ثقيفا من بقايا ثمود من العرب القديمة التى بادت وانقرضت قيل: كان عبدا لأبى رغال (ككتاب) وكان أصله من قوم نجوا من ثمود فانتمى بعد ذلك إلى قيس بن عيلان، روى عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه أنه مر بثقيف فتغامزوا به فرجع إليهم فقال لهم: يا عبيد أبى رغال إنما كان أبوكم عبدا له فهرب منه فثقفه (كسمع: أى ظفر به) بعد ذلك، ثم انتمى إلى قيس، وروى أيضا أن عليا قال على المنبر بالكوفة- وذكر ثقيفا- «لقد هممت أن أضع على ثقيف الجزية، لأن ثقيفا كان عبد لصالح نبى الله عليه السلام، وأنه سرحه إلى عامل له على الصدقة فبعث العامل معه بها، فهرب واستوطن الحرم، وإن أولى الناس بصالح محمد صلى الله عليهما وسلم» وسيرد عليك قريبا أن عبد الملك ابن مروان كتب فى إحدى رسائله إلى الحجاج يقول: «لقد جالت البصيرة فى ثقيف صالح النبى صلى الله عليه وسلم، إذ ائتمنته على الصدقات، وكان عبده، فهرب بها عنه» وقال شبيب بن يزيد الشيبانى الخارجى حين دخل الكوفة فى عهد الحجاج سنة ٧٦ هـ: عبد دعى من ثمود أصله ... لا بل يقال أبو أبيهم يقدم -