للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث إلى الحجاج بن يوسف، سلام على أهل طاعة الله وأوليائه الذين يحكمون بعدله، ويوفون بعهده، ويجاهدون فى سبيله، ويتورّعون لذكره، ولا يسفكون دما حراما، ولا يعطّلون للرّبّ أحكاما، ولا يدرسون (١) له أعلاما ولا يتنكّبون النّهج (٢)، ولا يبرمون السّيئ، ولا يسارعون فى الغىّ، ولا يدلّلون الفجرة، ولا يتراضون الجورة، بل يتمكّنون عند الاشتباه، ويتراجعون عند الإساءة.

أما بعد، فإنى أحمد الله حمدا بالغا فى رضاه، منتهيا إلى الحق فى الأمور الحقيقة لله علينا، وبعد فإن الله أنهضنى لمصاولتك، وبعثنى لمناضلتك، حين تحيّرت أمورك، وتهتّكت ستورك، فأصبحت عريان حيران مهينا لا توافق وفقا، ولا ترافق رفقا، ولا تلازم صدقا، أؤمّل من الله الذى ألهمنى ذلك أن يصيّرك فى حبالك، وأن يجىء بك فى القرن (٣)، ويسحبك للذّقن، وينصف منك من لم تنصفه من نفسك، ويكون هلاكك بيدى من اتهمته وعاديته، فلعمرى لقد طالما تطاولت وتمكّنت وأخطأت، وخلت أن لن تبور (٤)، وأنت فى فلك الملك تدور، وأظن مصداق ما أقول ستخبره عن قريب، فسر لأمرك، ولاق عصابة خلعتك من حبالها (٥) خلعها نعالها، وتدرّعت حلالها، تدرّعها مطالها (٦)، لا يحذرون منك جهدا، ولا يرهبون منك وعيدا، يتأملون خزايتك، ويتجرّعون إمارتك، عطاشا إلى دمك، يستطعمون الله لحمك (٧)


(١) درس الرسم كدخل: عفا، ودرسته الريح، لازم ومتعد.
(٢) النهج: الطريق الواضح، وتنكبه: عدل عنه وتجنبه.
(٣) القرن: الحبل يقرن به البعيران.
(٤) تهلك.
(٥) الحبال، جمع حبل: وهو العهد والذمة والتواصل، والمعنى: خلعتك من الحكم الذى عهد به إليك وهذه العبارة فى الأصل «ولاق عصابة خلقك من حيالها خلفها نعالها» وأراها محرفة.
(٦) المطل: مد الحديد وسبكه وطبعه وصوغه بيضة، والمطيلة اسم الحديدة التى تمطل من البيضة ومن الزندة وجمعها مطال.
(٧) أى يسألونه أن يطعمهم لحمك.

<<  <  ج: ص:  >  >>