للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشىء، فرجع إلى مرو وكتب إلى الحجاج بذلك، فكتب إليه الحجاج: أن صوّرها لى، فبعث إليه بصورتها، فكتب إليه الحجاج أن: «ارجع إلى مراغتك (١)، فتب إلى الله مما كان منك، وأتها من مكان كذا وكذا».

وقيل: كتب إليه الحجاج أن: «كس بكسّ (٢)، وانسف نسف (٣)، ورد وردان، وإياك والتّحويط (٤)، ودعنى من بنيّات (٥) الطريق».

فخرج إلى بخارى سنة ٩٠ غازيا، ففتحها وهزم جنود وردان خذاه، ومن استنصرهم من السّغد والترك ومن حولهم.

ورجع قتيبة إلى مرو، وكتب إلى الحجاج:

«إنى بعثت عبد الرحمن بن مسلم، ففتح الله على يديه».

وكان قد شهد الفتح مولى للحجاج، فقدم فأخبره الخبر، فغضب الحجاج على قتيبة، فاغتمّ لذلك، فقال له الناس: ابعث وفدا من بنى تميم وأعطهم وأرضهم يخبروا الأمير أن الأمر على ما كتبت، ففعل، فلما قدموا على الحجاج صاح بهم وعابهم، ودعا بالحجّام بيده مقراض (٦)، فقال: لأقطعن ألسنتكم أو لتصدقنّنى، قالوا: الأمير قتيبة، وبعث عليهم عبد الرحمن، فالفتح للأمير، والرأس الذى يكون على الناس، فسكن الحجاج. (تاريخ الطبرى ٨: ٦٧، ٦٩)


(١) المراغة: متمرغ الدابة، أراد بها بخارى: أى أن يفتحها ويتخذها معقلا يتقلب فيه كما تتقلب الدابة فى مراغتها، والمراغة أيضا: الأتان التى لا تمتنع من الفحول، كأنه يقول له إنها لا تستعصى عليك فى فتحها.
(٢) الكيس: العقل والخفة والتوقد، وفعله كضرب، وكاسه يكيسه غلبه بالكياسة، وكس: مدينة تقارب سمرقند.
(٣) نسف: مدينة كبيرة بين جيحون وسمرقند.
(٤) يقال: حوط حول الأمر: أى دار، وأصله من حوط كرمه تحويطا: أى بنى حوله حائطا، يعنى: إياك والدوران فى القول وكثرة المراجعة فيه (ويقال أيضا: حاوطت فلانا محاوطة: إذا داورته فى أمر تريده منه وهو يأباه كأنك تحوطه وبحوطك).
(٥) بنيات الطريق: الطرق الصغار تتشعب من الجادة، أى اسلك الطريق العام المستقيم ولا تعرج فى المنحنيات والمنعطفات.
(٦) المقراض: المقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>