«أبصرت يا عمر وما كدت، ونظرت وما كدت، اعلم يا عمر أنك أدركت من الإسلام خلقا باليا، ورسما عافيا، فيا ميت بين الأموات لا ترى أثرا فتتّبع، ولا تسمع صوتا فتنتفع، طفئ (١) أمر السّنّة، وظهرت البدعة. أخيف العالم فلا يتكلم، ولا يعطى الجاهل فيسأل، وربما نجت الأمة بالإمام، وربما هلكت بالإمام، فانظر:
أىّ الإمامين أنت، فإنه تعالى يقول:«وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» فهذا إمام هدى ومن اتبعه شريكان، وأما الآخر، فقد قال تعالى:«وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ»، ولن تجد داعيا يقول: تعالوا إلى النار، إذن لا يتبعه أحد، لكن الدّعاة إلى النار هم الدّعاة إلى معاصى الله، فهل وجدت يا عمر حكيما يعيب ما يصنع، أو يصنع ما يعيب، أو يعذّب على ما قضى، أو يقضى ما يعذب عليه؟ أم هل وجدت رشيدا يدعو إلى الهدى ثم يضل عنه، أم هل وجدت رحيما يكلّف العباد فوق الطاقة، أو يعذّبهم على الطاعة! أم هل وجدت عدلا يحمل الناس على الظلم والتظالم؟ ، وهل وجدت صادقا يحمل الناس على الكذب أو التكاذب بينهم! كفى ببيان هذا بيانا، وبالعمى عنه عمى» فى كلام كثير.
فدعا عمر غيلان وقال: أعنّى على ما أنا فيه، فقال غيلان: ولنّى بيع الخزائن وردّ المظالم، فولاه فكان يبيعها وينادى عليها ويقول: تعالوا إلى متاع الخونة، تعالوا إلى متاع الظّلمة، تعالوا إلى متاع من خلف الرسول فى أمّته بغير سنّته وسيرته.