للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغبطون بها، ويكرمهم فيما يقضى لهم، ويختار له ولهم فيه جهده ويستقضى له ولهم فيه إلهه ووليّه الذى بيده الحكم، وعنده الغيب، وهو على كل شىء قدير، ويسأله أن يعينه من ذلك على الذى هو أرشد له خاصّة، وللمسلمين عامّة، فرأى أمير المؤمنين أن يعهد لكم عهدا بعد عهد، تكونون فيه على مثل الذى كان عليه من كان قبلكم، فى مهلة من انفساح الأمل، وطمأنينة النفس، وصلاح ذات البين، وعلم موضع الأمر الذى جعله الله لأهله عصمة ونجاة، وصلاحا وحياة، ولكل منافق وفاسق يحبّ تلف هذا الدين وفساد أهله، وقما (١) وخسارا وقدعا، فولّى أمير المؤمنين ذلك الحكم ابن أمير المؤمنين وعثمان ابن أمير المؤمنين من بعده، وهما ممن يرجو أمير المؤمنين أن يكون الله خلقه لذلك، وصاغه له، وأكمل فيه أحسن مناقب من كان يوليّه إياه، فى وفاء الرأى، وصحّة الدين، وجزالة المروءة، والمعرفة بصالح الأمور، ولم يالكم (٢) أمير المؤمنين ولا نفسه فى ذلك اجتهادا وخيرا.

فبايعوا للحكم ابن أمير المؤمنين باسم الله وبركته، ولأخيه من بعده على السمع والطاعة، واحتسبوا فى ذلك أحسن ما كان الله يريكم ويبليكم (٣) ويعوّدكم ويعرفكم فى أشباهه فيما مضى من اليسر الواسع، والخير العام، والفضل العظيم، الذى أصبحتم فى رجائه وخفضه، وأمنه ونعمته وسلامته وعصمته، فهو الأمر الذى استبطأتموه واستسرعتم (٤) إليه، وحمدتم الله على إمضائه إياه وقضائه لكم، وأحدثتم فيه شكرا، ورأيتموه لكم حظّا تستبقونه، وتجهدون أنفسكم فى أداء حق الله عليكم، فإنه قد سبق لكم فى ذلك من نعم الله وكرامته وحسن قسمه، ما أنتم حقيقون أن تكون رغبتكم فيه وحدبكم (٥) عليه، على قدر الذى أبلاكم الله وصنع لكم منه.


(١) وقمه كوعده وقما: قهره وأذله، وقدعه كمنعه: كفه.
(٢) ألا كعدا: قصر، يقال: فلان لا يألوك نصحا، أى لا يقصر فى نصحك.
(٣) الإبلاء: الإنعام والإحسان.
(٤) أى وأسرعتم إليه، ولم تورد كتب اللغة هذه الصيغة.
(٥) أى وعطفكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>