للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصل به إلى تعنيفهم، بتفريطك فى تذليل أصحابهم لهم، وإفسادك إياهم عليك وعليهم، فانظر فى ذلك نظرا محكما، وتقدّم فيه برفقك تقدّما بليغا، وإياك أن يدخل حزمك وهن، أو يشوب عزمك إيثار، أو يخلط رأيك ضياع، والله يستودع أمير المؤمنين نفسك ودينك (١).

إذا كنت من عدوك على مسافة دانية، وسنن (٢) لقاء مختصر، وكان من عسكرك مقتربا، قد شامت (٣) طلائعك مقدّمات ضلالته، وحماة فتنته، فتأهّب أهبة المناجز، وأعدّ إعداد الحذر، وكتّب خيولك، وعبّ جنودك، وإياك والمسير إلا فى مقدّمة وميمنة وميسرة وساقة (٤)، قد شهروا الأسلحة، ونشروا البنود (٥) والأعلام، وعرّف جندك مراكزهم سائرين تحت ألويتهم، قد أخذوا أهبة القتال، واستعدوا للّقاء، ملتجئين (٦) إلى مواقفهم، عارفين بمواضعهم فى مسيرهم ومعسكرهم، وليكن ترحّلهم وتنزّلهم على راياتهم وأعلامهم ومراكزهم، قد عرّف كلّ قائد منهم أصحابه مواقفهم، من الميمنة والميسرة والقلب والسّافة والطّليعة، لازمين لها، غير مخلّين بما استنجدتهم له، ولا متهاونين بما أهبت بهم إليه، حتى تكون عساكرك فى كل منهل تصل إليه، ومسافة تجتازها (٧)، كأنها عسكر واحد فى اجتماعها على العدوّ وأخذها بالحزم، ومسيرها على راياتها، ونزولها على مراكزها، ومعرفتها بمواضعها، إن أضلّت دابة موضعها، عرف أهل العسكر: من أى المراكز هى؟ ومن صاحبها؟

وفى أى المحل حلوله منها؟ فردّت إليه هداية معروفة بسمت صاحب قيادتها (٨)، فإن


(١) فى المنظوم والمنثور «وإياك أن يدخل حزمك وهن أول عزمك أمارا من رأيك ضياع والله أستودع دينا فى نفسك» وهو تحريف.
(٢) السنن: الطريق.
(٣) نظرت، وأصله من شام البرق: إذا نظر إليه أين يقصد وأين يمطر.
(٤) الساقة: مؤخرة الجيش.
(٥) البنود جمع بند بالفتح وهو العلم الكبير.
(٦) فى المنظوم والمنثور «ملحين» وهو تحريف.
(٧) فى صبح الأعشى والمنظوم والمنثور «تختارها» وهو تصحيف، وفى مفتاح الأفكار «ومفازة تجتازها».
(٨) وفى المنظوم والمنثور «هداية ومعرفة ونسبة قيادة صاحبها».

<<  <  ج: ص:  >  >>