للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدّمك فى ذلك، وإحكامك له، طارح عن جندك مئونة الطلب، وعناية المعرفة، وابتغاء الضّالّة.

ثم اجعل على ساقتك أوثق أهل عسكرك فى نفسك صرامة ونفاذا، ورضا فى العامة، وإنصافا من نفسه للرعية، وأخذا بالحق فى المعدلة، مستشعرا تقوى الله وطاعته، آخذا بهديك وأدبك، واقفا عند أمرك ونهيك، معتزما على مناصحتك وتزيينك، نظيرا لك فى الحال، وشبيها بك فى الشّرف، وعديلا فى الموضع، ومقاربا فى الصّيت (١)، ثم أكثف (٢) معه الجمع، وأيّده بالقوة، وقوّة بالظهر، وأعنه بالأموال، واعمده (٣) بالصلاح، ومره بالعطف على ذوى الضعف من جندك، ومن أزحفت (٤) به دابته، وأصابته نكبة من مرض أو رجلة (٥) أو آفة، من غير أن يأذن لأحد منهم فى التنحّى عن عسكره، أو التخلّف بعد ترحّله، إلا لمجهود سقما، أو لمطروق بآفة جائحة، ثم تقدّم إليه محذّرا، ومره زاجرا، وانهه مغلظا، فى الشدة على من مرّ به منصرفا عن معسكرك من جندك بغير جوازك، شادّا لهم أسرا، وموقرهم (٦) حديدا، ومعاقبهم موجعا، وموجّههم إليك فتنهكهم (٧) عقوبة، وتجعلهم لغيرهم من جندك عظة.

واعلم أنه إن لم يكن بذلك الموضع من تسكن إليه، واثقا بنصيحته، عارفا ببصيرته (٨)، قد بلوت منه أمانة تسكنك إليه، وصرامة تؤمنك مهانته، ونفاذا فى أمرك يرخى عنك خناق الخوف فى إضاعته، لم يأمن أمير المؤمنين تسلل الجند عنك


(١) فى صبح الأعشى «فى السب» والأولى أنسب.
(٢) أى اجعله كثيفا، وفى المنظوم والمنثور «اكشف» وهو تحريف.
(٣) عمده كضرب: أقامه بعماد: أى قوه بالسلاح، وفى المنظوم والمنثور «واغمره».
(٤) أزحف البعير: أعيا، وفيه «ومن رخفت» ورخف العجين كنصر وفرح وكرم: استرخى
(٥) رجل الرجل كفرح فهو راجل ورجلان: إذا لم يكن له ظهر يركبه.
(٦) أوقره: أثقله.
(٧) نهكه عقوبة كسمعه وأنهكه: بالغ فى عقوبته.
(٨) هذه ساقطة من صبح الأعشى.

<<  <  ج: ص:  >  >>