للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لواذا (١)، ورفضهم مراكزهم، وإخلالهم بمواضعهم، وتخلّفهم عن أعمالهم، آمنين تغيير ذلك عليهم، والشدة على من اجترمه (٢) منهم، فأوشك ذلك فى وهنك، وخذل من قوتك، وقلّل من كثرتك.

اجعل خلف ساقتك رجلا من وجوه قوّادك، جليدا ماضيا، عفيفا صارما، شهم الرأى، شديد الحذر، شكيم القوة، غير مداهن فى عقوبة، ولا مهين (٣) فى قوة، فى خمسين فارسا من خيلك، يحشر إليك جندك، ويلحق بك من يتخلّف عنك، بعد الإبلاغ فى عقوبتهم، والنّهك لهم، والتنكيل بهم، وليكن بعقوتك (٤) فى المنزل الذى ترتحل عنه، والمنهل الذى تتقوّض منه، مفرطا فى النقض له، والتتبع لمن تخلف عنك به، مشتدا فى أهل المنزل وساكنه بالتقدّم، موعزا إليهم فى إزعاج الجند عن منازلهم وإخراجهم من مكامنهم، وإيعاد العقوبة الموجعة والنّكال المبسل (٥) فى الأشعار والأبشار، واستصفاء الأموال، وهدم العقار، لمن آوى منهم أحدا، أو ستر موضعه، وأخفى محلّه، وحذّره عقوبتك إياه فى الترخيص لأحد، والمحاباة لذى قرابة والاختصاص بذلك لذى أثرة وهوادة، وليكن فرسانه منتخبين فى القوة، معروفين بالنجدة، عليهم سوابغ الدروع، دونها شعار الحشو وجبب الاستجنان (٦)، متقلدين سيوفهم، سامطين كنائنهم، مستعدّين لهيج أن يبدههم، أو كمين أن يظهر لهم وإياك أن تقبل فى دوابهم إلا فرسا قويا، أو برذونا وثيجا (٧)، فإن ذلك من أقوى القوة


(١) بأن يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج، أو يلوذ بأحد فينطلق معه كأنه تابعه، وهو منصوب على الحال مصدر بمعنى اسم الفاعل.
(٢) فى المنظوم والمنثور «على من اخترمه منهم ما ... ذلك فى وهنك، وأحدل من قوتك».
(٣) المهين: الضعيف الحقير.
(٤) العقوة: الساحة وما حول الدار والمحلة.
(٥) أبله: أسلمه للتهلكة، وفى المنظوم والمنثور «والنكاء المبسل- فى الأشعار واصفا الأموال» وهو تحريف، واستصفى ماله: أخذ منه صفوه.
(٦) استجن: استتر، وفى المنظوم والمنثور «وحبب الاستحبات» وهو تحريف.
(٧) البراذين من الخيل: ما كان من غير نتاج العرب، والوثيج: المكتنز، وقد وثج ككرم وثاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>