للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم، وأعون الظهير (١) على عدوهم، إن شاء الله.

ليكن رحيلك إبّانا (٢) واحدا، ووقتا معلوما، لتخفّ المئونة بذلك على جندك، ويعلموا أوان رحيلهم، فيقدّموا فيما يريدون من معالجة أطعمتهم، وأعلاف دوابّهم، وتسكن أفئدتهم إلى الوقت الذى وقفوا عليه. ويطمئن ذوو الرأى (٣) إلى إبان الرحيل ومتى يكن رحيلك مختلفا، تعظم المؤنة عليك وعلى جندك، ويخلّوا بمراكزهم (٤)، ولا يزال ذوو السّفه والنّزق يترحّلون بالإرجاف (٥)، وينزلون بالتوهّم، حتى لا ينتفع ذو رأى بنوم ولا طمأنينة.

إياك أن تظهر استقلالا، أو تنادى (٦) برحيل من منزل تكون فيه، حتى تأمر صاحب تعبئتك بالوقوف بأصحابه على معسكرك، أخذا بفوّهة جنبتيه (٧) بأسلحتهم، عدّة لأمر إن حضر، أو مفاجأة من طليعة للعدو إن رأت منكم نهزة، أو لمحت عندكم غرّة، ثم مر الناس بالرحيل، وخيلك واقفة، وأهبتك معدّة، وجنّتك واقية، حتى إذا استقللتم (٨) من معسكركم، وتوجّهتم من منزلكم، سرتم على تعبيتكم، بسكون ريح، وهدوّ حملة، وحسن دعة.

فإذا انتهيت إلى منهل أردت نزوله، أو هممت بالمعسكر به، فإياك ونزوله إلا بعد العلم بأهله، والمعرفة بمرافقه، ومر صاحب طليعتك أن يعرف (٩) لك أحواله، ويستثير لك علم دفينه، ويستبطن علم أموره، ثم ينهيها إليك على ما صارت إليه لتعلم: كيف احتماله لعسكرك؟ وكيف ماؤه وأعلافه (١٠)، وكيف موضع عسكرك منه؟ وهل لك


(١) فى صبح الأعشى «وأعون الظهرى» وقد تقدم معناه.
(٢) أى وقتا.
(٣) فى المنظوم والمنثور «ذوا ... إبان الرحيل».
(٤) هذه الجملة ساقطة من صبح الأعشى.
(٥) النزق: الطيش والخفة، وأرجف القوم فى الشىء وبه إرجافا: أكثروا من الأخبار السيئة واختلاف الأقوال الكاذبة، حتى يضطرب الناس منها.
(٦) فى المنظوم والمنثور «إياك أن تنادى».
(٧) فى صبح الأعشى «آخذا بجنبتى فوهته».
(٨) استقل القوم: ذهبوا وارتحلوا.
(٩) فى المنظوم والمنثور «إلا بعد العلم أن يعرف لك أحواله أو يسير علم دفينه».
(١٠) فيه «وكيف مأواه وأعلامه» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>