للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- إن أردت مقاما به، أو مطاولة عدوك ومكايدته فيه- قوة تحملك، ومدد يأتيه، فإنك إن لم تفعل ذلك لم تأمن أن تهجم على منزل يعجزك ويزعجك منه ضيق مكانه، وقلة مياهه، وانقطاع موادّه، إن أردت بعدوك مكيدة، أو احتجت من أمرهم إلى مطاولة، فإن ارتحلت منه كنت غرضا لعدوك؛ ولم تجد إلى المحاربة والأخطار سبيلا، وإن أقمت به أقمت على مشقة وحصر، وفى أزل وضيق، فاعرف ذلك وتقدّم فيه.

فإذا أردت نزولا أمرت صاحب الخيل التى وكّلت بالناس (١)، فوقفت خيله، متنحّية من معسكرك، عدّة لأمر إن غالك (٢)، ومفزعا لبديهة إن راعتك، فقد أمنت بحمد الله وقوته (٣) فجأة عدوك، وعرفت موقعها من حرزك (٤)، حتى يأخذ الناس منازلهم، وتوضع الأثقال مواضعها، ويأتيك خبر طلائعك، وتخرج دبّابتك (٥) من معسكرك درّاجة ودبّابا (٦) محيطين بعسكرك، وعدّة لك إن احتجت إليهم؛ وليكن دبّاب جندك أهل جلد وقوة، قائدا أو اثنين أو ثلاثة بأصحابهم، فى كل ليلة ويوم، نوبا بينهم، فإذا غربت الشمس، ووجب (٧) نورها، أخرج إليهم صاحب تعبئتك أبدا لهم، عسسا بالليل فى أقرب من مواضع دبّابى النهار، يتعاور ذلك قوادك جميعا، بلا محاباة لأحد منهم فيه ولا إدهان إن شاء الله.

إياك أن يكون منزلك إلا فى خندق وحصن تأمن به بيات عدوك، وتستنيم فيه إلى الحزم من مكيدتك، إذا وضعت الأثقال، وحطّت أبنية أهل العسكر، لم يمدد طنب (٨)، ولم يرفع خباء، ولم ينصب بناء، حتى تقطع لكل قائد ذرعا معلوما من


(١) فى المنظوم والمنثور «التى رحلت الناس».
(٢) فيه «إن راعك».
(٣) فيه قد أمنت بإذن الله وحوله.
(٤) فيه «من حربك».
(٥) المراد بالدبابة هنا. الجماعة التى تدب حول الجيش لحراسته، من دب كضرب إذا مشى على هينته وقد تقدم فى هذه الرسالة نظيرها وهى سيارة من سار، ودراجة من درج، وليس المراد بها الآلة التى تتخذ للحروب فتدفع فى أصل الحصن فينقبون وهم فى جوفها، كما فسرت بذلك.
(٦) دبابا: جمع داب كعذال جمع عادل.
(٧) غاب.
(٨) وفيه «لم يمد خباء ولم تنصب بناء» والطنب: حبل طويل يشد به سرادق البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>