للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض بقدر أصحابه، فيحتفروه عليهم خندقا، يطيفونه بعد ذلك بخنادق الحسك (١)، طارحين لها دون اشتجار الرماح (٢)، ونصب التّرسة، لها بابان قد وكّلت بحفظ كل باب منهما رجلا من قوادك، فى مائة رجل من أصحابه، فإذا فرغ من الخندق كان ذلك القائدان بمن معهما من أصحابهما أهل ذلك المركز، وموضع تلك الخيل، وكانوا هم البوابين والأحراس لذينك الموضعين (٣)، قد كفوهما وضبطوهما، وأعفيوا من أعمال العسكر ومكروهه غيرهما.

واعلم أنك إذا كنت على خندق أمنت (٤) بإذن الله وقوته طوارق عدوّك وبغتاتهم، فإن راموا تلك منك، كنت قد أحكمت ذلك وأخذت بالحزم فيه، وتقدمت فى الإعداد له، ورتقت مخوف الفتق منه، وإن تكن العافية (٥) استحقبت حمد الله عليها، وارتبطت شكره بها، ولم يضررك أخذك بالحزم، لأن كل كلفة ونصب ومئونة إنفاق ومشقّة عمل، مع السّلامة، غنم وغير خطر بالعاقبة، إن شاء الله.

فإن ابتليت ببيات عدوك، أو طرقك رائعا (٦) فى ليلك، فليلفك حذرا معدا مشمّرا عن ساقك، حاسرا عن ذراعك، متشزّنا لحربك، قد تقدّمت درّاجتك


(١) الحسك: نبات له شوك صلب، ويعمل من الحديد أداة للحرب على مثال شوكه فيلقى حول العسكر، ويسمى باسمه (وهذا هو المراد هنا) أى الأسلاك الشائكة.
(٢) اشتجار الرماح: تشابكها فى الطعان.
(٣) فى المنظوم والمنثور بعد ذلك «فدالى الرفاهة والسعة وتقدم العسكر أو التأخر عنه، فإن ذلك مما يضعف الوالى ويوهنه لاستنامته إلى من ولاه ذلك، وأمنه به على جيشه» وفى أول العبارة تحريف وقد تقدمت فى صفحة ٤٣٣ وموضعها هنالك، وقوله «قد كفوهما ... إلى غيرهما» ساقط منه.
(٤) فيه «واعلم أنك إذ ... أمنت بإذن الله طوارق ... ».
(٥) من قوله «وإن تكن العاقبة ... إلى بالعافية» ساقط من المنظوم والمنثور، وفى مفتاح الأفكار «استحقبت» بالباء أى احتملت، وفى صبح الأعشى «استحقيت».
(٦) أى مفزعا لك، من راعه إذا أفزعه، وفى المنظوم والمنثور «أو طرقك رائعا فى ... حذرا معدا مشمرا عن ساقك مسترا لحربك» وفيها نقص وتحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>