لقد خفت أن يعود على صحتى بالأثر السيئ، إذ طالما تحبّست على تحقيقه ساعات متقالية، مكبّا على حلّ معمّياته، وفكّ طلاسمه، حتى أكاد أسقط إعياء وفتورا، وكنت إذا ما حزبنى الأمر واشتدت بى الحيرة، وضاق بى المخرج، أنهض فأصلّى لله عز وجل ركعتين، مستلهما إياه الصواب، مبتهلا إليه أن يهدينى سواء السبيل، ثم أجيل الفكر ثانية، فلا أعتّم أن ينفتح لى باب المغلق، وينجاب ظلام المبهم، وتضح لى الحقيقة سافرة ناصعة، وتلك نعمة جلّى من المولى القدير علىّ، أعدّها آية على رضاه عنى، فله- تبارك وتعالى- أجلّ الحمد وأسناه، وأجزل الشكر وأوفاه.
ولست أدّعى أنى فيما حققت من الرسائل قد بلغت ذروة الكمال- فالكمال لله وحده- ولكنى أستطيع أن أجهر بأنى قد وفّقت فى صنيعى هذا- ولله الحمد والمنّة- إلى حدّ أغبط عليه نفسى، وأن ضميرى جدّ مستريح إلى ما بذلته من جهد فى تعبيد طرقها، وتصفية رنقها، فإن يحمد القراء صنيعى فذاك ما أصبو إليه، وإن تكن الأخرى فقد أعذرت أمام نفسى، وأدّيت واجبى غير وان ولا ملول.
أمدّنا الله وإياكم بروح منه، وكلأنا وكلأكم بعين رعايته وتوفيقه، إنه العلىّ المنّان، ذو الطّول والإنعام.