للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما (١) عرفت من إعلام كتابك، إلا أن المريد بنيته غير معذور، دون أن يبلغ فيه بفعله (٢)، وقد ينحّى عنى اسم العنف بك، ويلزمنى اسم التأديب لك، أن التأديب بينى وبينك غير منكر عندى وعندك، وإن حملناه على قعود (٣) العنف كان كافيا لك من جميع صفات تعظيم الأدب أن تقول: لولا الأدب سقط اسم المتأدبين، وإذا سقط غلب اسم الجاهلين، وإذا غلب اسم الجاهلين عصى الخالق، وفسدت الدنيا ومن فيها.

وفهمت قولك، وما دللت به على نفسك من معرفة الشكر، فليس شىء مما سبقت به يدى إلى إخوانى، من مشاركتهم إياى فى مثل ما به نفسى، بسار لى أن يقع منى موقع إذلال لهم، أو عذاب عليهم، فإنه من يتخذ أيادى الإخوان عذابا على نفسه ووقرا (٤) على قوّته، فقد تعرّض لمعاودة بعض الأدب، للاستزادة من الأوقار المغتمّ بها، الملول (٥) من حملها، وبئست اليد يد جريرتها (٦) استثقال الكتب، وضيق الذّراع من فوائد الأحبّة.

فأمّا ما عظّمت من الشكر، فإن الشكر مكافأة، وإذا كان الشكر كفىء (٧) المنّة، فإن الكفىء لا يكون دون كفيئه، وإذا بلغت بالشكر منزلة المكافأة، فقد علوت به أعلى المنازل، وكان يجمع لك ذلك أن تقول: الشكر مكافأة، والمكافأة كفيئة، والكفىء مثل كفيئه.

فأمّا ما ظننت أنى أستدلّ به على أنك من أهل الشكر، بالكلمات التى وصفت، فلئن تقدمت باليد على جبالة- فى أول يوم- منّى بموضع الشكر، ما أنا (٨) بمبصر موضع الأمر ببادرة من الكلام هى (٩) مع ذلك غير حدود جامعة، ولو جمعت.


(١) فى الأصل «قما» وهو تحريف.
(٢) فى الأصل «بعقله» وهو تحريف.
(٣) أى على محمل العنف ومركبه، والقعود من الإبل: ما يقتعده الراعى فى كل حاجة.
(٤) الوقر: الحمل.
(٥) فى الأصل «الأموال» وهو تحريف.
(٦) أى ذنبها.
(٧) أى مكافىء.
(٨) فى الأصل «وأنا» وهو تحريف.
(٩) فى الأصل «ببادرة من الكلام مع ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>