للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد علمت أن مكرمتنا فى الجاهلية سقاية الحجيج الأعظم وولاية زمزم، وكانت للعباس دون إخوته (١)، فنازعنا فيها أبوك (٢)، فقضى لنا عليه عمر، فلم نزل نليها فى الجاهلية والإسلام، ولقد قحط أهل المدينة (٣)، فلم يتوسّل عمر إلى ربه، ولم يتقرب إليه، إلا بأبينا (٤)، حتى نعشهم الله، وسقاهم الغيث، وأبوك حاضر لم يتوسّل به.

ولقد علمت أنه لم يبق أحد من بنى عبد المطلب بعد النبى صلى الله عليه وسلم غيره فكان وارثه من عمومته (٥)، ثم طلب هذا الأمر غير واحد من بنى هاشم فلم ينله إلا ولده، فالسّقاية سقايته، وميراث النبىّ له، والخلافة فى ولده، فلم يبق شرف ولا فضل، فى جاهلية ولا إسلام، فى دنيا ولا آخرة، إلا والعباس وارثه ومورّثه (٦)، ولقد جاء الإسلام (٧) والعباس يمون أبا طالب وعياله، وينفق عليهم للأزمة التى


(١) انظر أسد الغابة ٣: ١٠٩.
(٢) جاء فى شرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ٤٦١ «وكانت السقاية فى الجاهلية بيد أبى طالب ثم سلمها إلى أخيه العباس».
(٣) كان ذلك عام الرمادة سنة ١٨ هـ، أصابت الناس فيه مجاعة شديدة بالمدينة وما حولها، فكانت تسفى إذا ريحت ترابا كالرماد فسمى ذلك العام عام الرمادة- انظر تاريخ الطبرى ٤: ٢٢٣.
(٤) خطب عمر عام الرمادة بالعباس، فكان فيما قال: «اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك وبقية آبائه وكبار رجاله، فإنك تقول (وقولك الحق): «وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ، وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما، وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً» فحفظتهما لصلاح أبيهما، فاحفظ اللهم نبيك فى عمه» فما برحوا حتى علقوا الحذاء، وقلصوا المآزر، وطفق الناس بالعباس يقولون: «هنيئا لك يا ساقى الحرمين» - انظر العقد الفريد ٢: ١٣٢.
(٥) فى الكامل للمبرد وصبح الأعشى «وتوفى رسول الله صلى عليه وسلم وليس من عمومته أحد حيا إلا العباس، فكان وارثه دون بنى عبد المطلب».
(٦) وفيهما. «فاجتمع للعباس أنه أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وبنوه القادة الخلفاء، فقد ذهب بفضل القديم والحديث».
(٧) فى الطبرى «وأما ما ذكرت من بدر فإن الإسلام جاء ... » غير أنه لم يرد ذكر بدر فى كتاب النفس الزكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>