للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا (١)».

ولعمرى ما ولد زياد فى حجر أبى سفيان، ولا على فراشه، ولا كان عبيد عبدا لأبى سفيان، ولا سميّة أمة له، ولا كانا فى ملكه، ولا صارا إليه لسبب من الأسباب، ولقد قال معاوية فيما يعلمه أهل الحفظ للأحاديث عند كلام نصر بن الحجّاج ابن علاظ السّلمىّ ومن كان معه من موالى بنى المغيرة المخزوميّين، وإرادتهم استلحاقه وإثبات دعوته، وقد أعدّ لهم معاوية حجرا تحت بعض فرشه، فألقاه إليهم، فقالوا له:

نسوّغ لك ما فعلت فى زياد، ولا تسوّغ لنا ما فعلنا فى صاحبنا! فقال: قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خير لكم من قضاء معاوية، فخالف معاوية بقضائه فى زياد واستلحاقه إياه، وما صنع فيه وأقدم عليه، أمر الله جلّ وعزّ، وقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتّبع فى ذلك هواه رغبة عن الحقّ، ومجانبة له، وقد قال الله عز وجل:

«وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» وقال لداود صلى الله عليه وسلم- وقد آتاه الحكم والنّبوّة والمال والخلافة-:

«يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ».

فأمير المؤمنين يسأل الله أن يعصم له نفسه ودينه، وأن يعيذه من غلبة الهوى، ويوفّقه فى جميع الأمور لما يحبّ ويرضى، إنه سميع قريب، وقد رأى أمير المؤمنين أن يردّ زيادا ومن كان من ولده إلى أمّهم ونسبهم المعروف، ويلحقهم بأبيهم عبيد وأمّهم سميّة، ويتّبع فى ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أجمع عليه الصالحون وأئمة الهدى، ولا يجيز لمعاوية ما أقدم عليه ممن يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله


(١) الصرف: التوبة. والعدل: الفدية- انظر الجزء الأول ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>