للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجمع العلماء والبصراء الذين عندك، والأساقفة والرّهبان الذين قبلك، فقل:

لأى شىء نسبتم المسيح إلها، وجعلتموه ربّا؟ ونجد الله سمّاه فى الكتاب ابنا، وقد تجدونه قال: «إنى أذهب إلى أبى وأبيكم، وإلهى وإلهكم أيضا» وهذا كلام يحتمل وجهين: أحدهما أولى به، وقول لا يحتمل إلا وجها وهو الرّبوبية، أم كيف تنظرون إلى كلامه: «أذهب إلى أبى وأبيكم» فتفردونها فى نفسه وقد قالها فيه وفى غيره؟

قاتّق الله وكن من القائمين بالحق، الموحّدين للرب. إنّ أمير المؤمنين قد ضرب لك أمثالا جمّة، وصرف إليك مسائل كثيرة، وبيّن لك من آيات النبى صلى الله عليه وسلم وعلامات الوحى قليلا من كثير، واضحا من تفسير، لا تمتنع العقول من التصديق به، ولا القلوب من الإقرار به.

وسيذكر لك أمير المؤمنين من علامات النبى صلى الله عليه وسلم فى التوراة والإنجيل ما يكتفى به، إن شاء الله، وباليسير منه، لأن كتب الله عز وجل محفوظة، وحججه محروسة، لا يزاد فيها ولا ينقص منها، وإذا وجدت فيها كلمة تدلك على حق وتهديك إلى رشد، فلست واجدا أخرى تصدّك عنه، وتشكّكك فيه، إذا تلى ذلك بالحق، ووضع على الصدق، ولكن ضلّت اليهود والنصارى بتحريف تأويل الكلام وتصريف تفسير الكتب، وأمير المؤمنين يسأل الله العصمة والتوفيق.

من ذلك ما قد شهد به عيسى عليه السلام عندكم، وبيّنه فى الإنجيل لكم، إذ قال للحواريّين: «أنا أذهب وسيأتيكم البار قليط روح الحقّ الذى لا يتكلم من قبل نفسه، إنما يقول كما يقال له، وهو يشهد علىّ وأنتم تشهدون، لأنكم معى من قبل الناس بالخطيئة، وكل شىء أعدّ الله لكم يخبركم به (١)» وترجمة البار قليط: أحمد،


(١) ورد فى إنجيل يوحنا (الإصحاح ١٤ آية ٢٦) من الكتاب المقدس: «وأما المعزى: الروح المقدس الذى سيرسله الأب باسمى فهو يعلمكم كل شىء، ويذكركم بكل ما قلته لكم» وفيه أيضا (الإصحاح ٥ آية ٢٦): «ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذى-

<<  <  ج: ص:  >  >>