للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنبيائه صلوات الله عليهم، إنا إليه راجعون، وإياه نسأل أن يحسن الخلافة على أمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان لهم عصمة وكهفا (١)، وبهم رءوفا رحيما.

فشمّر فى أمرك، وإياك أن تلقى بيديك، فإن أخاك قد اختارك لما استنهضك له، وهو متفقّد مواقع فقدانك (٢)، فحّقق ظنّه، ونسأل الله التوفيق.

وخذ البيعة على من قبلك من ولد أمير المؤمنين وأهل بيته ومواليه، وخاصّته وعامّته، لمحمد أمير المؤمنين، ثم لعبد الله ابن أمير المؤمنين، ثم للقاسم ابن أمير المؤمنين، على الشّريطة التى جعلها أمير المؤمنين صلوات الله عليه من فسخها على القاسم أو إثباتها، فإن السعادة واليمن فى الأخذ بعهده والمضىّ على مناهجه، وأعلم من قبلك من الخاصّة والعامّة رأيى فى استصلاحهم، وردّ مظالمهم، وتفقّد حالاتهم، وأداء أرزاقهم وأعطياتهم (٣) عليهم، فإن شغب (٤) شاغب، أو نعر ناعر، فاسط به سطوة تجعله نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين.

واضمم إلى الميمون ابن الميمون الفضل (٥) بن الربيع ولد أمير المؤمنين وخدمه وأهله ومره بالمسير معهم فيمن معه وجنده ورابطته (٦)، وصيّر إلى عبد الله بن مالك أمر العسكر وأحداثه، فإنه ثقة على ما يلى، مقبول عند العامّة، واضمم إليه جميع جند الشّرط من الروابط وغيرهم إلى من معه من جنده، ومره بالجدّ والتيقظ وتقديم الحزم فى أمره كله ليله ونهاره، فإن أهل العداوة والنفاق لهذا السلطان يغتنمون مثل حلول هذه المصيبة.


(١) الكهف: الوزر والملجأ.
(٢) يريد بالفقدان الغياب، والمعنى. أن أخاك يرقبك فى المواقف التى استنهضك لها، ولا يحب أن يراك غائبا فى موقف منها.
(٣) أعطيات: جمع أعطية، وأعطية: جمع عطاء.
(٤) شغبهم وبهم وعليهم كمنع وفرح: هيج الشر عليهم، ونعر كمنع وضرب نعيرا ونعارا: صاح، والمعنى ثار ودعا إلى الفتنة.
(٥) هو الفضل بن الربيع بن يونس، استوزره الرشيد بعد أن نكب البرامكة، ثم ابنه الأمين من بعده، وهو الذى زين للأمين خلع المأمون من البيعة كما سيأتى، وتوفى سنة ٢٠٨. انظر ترجمته فى وفيات الأعيان ٢: ٤١٢ والفخرى ص ١٩٢ وتاريخ بغداد للخطيب البغدادى ١٢: ٣٤٣.
(٦) الرباط (بالكسر) والمرابطة: ملازمة ثغر العدو، فالرابطة هى الجند المرابطون.

<<  <  ج: ص:  >  >>