للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقرّ حاتم بن هرثمة على ما هو عليه، ومره بحراسة ما يحفظ به قصور أمير المؤمنين، فإنه ممن لا يعرف إلا بالطاعة، ولا يدين إلا بها، بمعاقد من الله، مما قدّم له من حال أبيه (١) المحمود عند الخلفاء.

ومر الخدم بإحضار روابطهم من يسدّ بهم وبأجنادهم مواضع الخلل من عسكرك، فإنهم حدّ من حدودك.

وصيّر مقدّمتك إلى أسد بن يزيد بن مزيد، وساقتك (٢) إلى يحيى بن معاذ فيمن معه من الجنود، ومرهما بمناوبتك فى كل ليلة، والزم الطريق الأعظم، ولا تعدونّ المراحل، فإن ذلك أرفق بك، ومر أسد بن يزيد أن يتخيّر رجلا من أهل بيته أو قواده فيصير إلى مقدّمته، ثم يصير أمامه لتهيئة المنازل أو بعض الطريق، فإن لم يحضرك فى عسكرك بعض من سمّيت فاختر لمواضعهم من تثق بطاعته ونصيحته وهيبته عند العوامّ، فإن ذلك لن يعوزك من قوادك وأنصارك إن شاء الله.

وإياك أن تنفذ رأيا أو تبرم أمرا إلّا برأى شيخك وبقيّة آبائك الفضل ابن الربيع، وأقرر جميع الخدم على ما فى أيديهم من الأموال والسلاح والخزائن وغير ذلك، ولا تخرجنّ أحدا منهم من ضمن ما يلى إلى أن تقدم علىّ.

وقد أوصيت بكر بن المعتمر بما سيبلغكه، واعمل فى ذلك بقدر ما تشاهد وترى، وإن أمرت لأهل العسكر بعطاء أو رزق، فليكن الفضل بن الربيع المتولّى لإعطائهم على دواوين (٣) يتخذها لنفسه، بمحضر من أصحاب الدواوين، فإن الفضل ابن الربيع لم يزل مثل ذلك لمهمّات الأمور.


(١) يعنى هرثمة بن أعين، وقد تقدم ذكره.
(٢) الساقة: مؤخرة الجيش.
(٣) الديوان: الكتاب الذى يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء، وهو فارسى معرب .. قال القلقشندى فى صبح الأعشى ١: ٩٠ «وقد حكى الماوردى فى الأحكام السلطانية» فى سبب تسميته بذلك وجهين: أحدهما: أن كسرى ذات يوم اطلع على كتاب ديوانه فى مكان لهم، وهم يحسبون مع أنفسهم، فقال «ديوانه» أى مجانين، فسمى موضعهم بهذا الاسم ولزمه من حينئذ، ثم حذفت الهاء-

<<  <  ج: ص:  >  >>