للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العواقب، وتؤدّيهم إليه رواجع ما قدّموا، فلا يكونون بعملهم متجاوزين لهممهم- وفيهم الذى هم فيه- إلى ما يمنعهم (١).

واستديموا معشر المسلمين سابغ النعمة، بحمد موليها والمتطوّل بها، وقد ترون ما كنتم فيه قبلها، وما آلت إليه حال من سلبها، ثم يعقب الندامة حين لا مستعتب (٢) ولا نظرة يمكن فيها استقالة الفارط بتقصير ولا هفوة زلل، وثقوا من رعاية أمير المؤمنين محمود آثاركم، وما مضى من بلاء كلّ امرىء منكم، بما تطمئنون إليه، وتتوقعون عادته، بأسنى ما ترتفع إليه آمالكم، وتسمو إليه هممكم، إلى ما يدّخر الله لمن تمسّك بهداه، واعتصم بتقواه، وجاهد عن حقه، وافيا بأمر عهده، من جزيل ثوابه، وكريم مآبه، إلى الدار التى هى أكبر درجات وأكبر تفضيلا.

أحبّ أمير المؤمنين أن يتعهّدكم بعظة تنبّهكم على حظّكم، وتثبّت من بصائركم وتقطع من طمع الشيطان وحزبه فيكم، لما يجب عليه إرشادكم، ويرجو من تأدية حق منّ الله عز وجل فيكم، ولما يرى من اتصالكم بحبله، وما يشمله من الصنيع فيما ولّاكم الله به، وتولاه لكم.

وأمير المؤمنين يسأل الله الذى دلّ على الدعاء تطوّلا، وتكفّل بالإجابة حتما، فقال عز وجل: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» أن يجمع على رضاه ألفتكم، وأن يصل على الطاعة حبلكم، وأن يمتّعكم بأحسن ما أودعكم من مننه، ويوزعكم (٣)

عليها من شكره، ما يواصل لكم مزيده، وأن يكفيكم كيد الكافرين، وحسد الباغين، ويحفظ أمير المؤمنين فيكم بأفضل ما حفظ به «إمام هدى» فى أوليائه وشيعته، ويحمل عنه ثقل ما حمّله منكم. وبالله يستعين أمير المؤمنين على ما ينوى من جزائكم بالحسنى،


(١) فى الأصل «فلا يكون عملهم غير متجاوزين بهممهم وفيهم الذى هم فيه إلى ما يمنعه» والعبارة كما ترى مضطربة.
(٢) أى استعتاب، واستعتبه: طلب إليه العتبى. وهى الصفح والرضا. والنظرة: التأخير.
(٣) أى يلهمكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>