للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمؤاتى (١) لأغلظ عدوّهم شوكة، وأخوفهم عداوة والمبحبح (٢) من بلادهم فيما كان لا يرام ولا يحاول، لاستصعابه وشدة مقاساته، حتى أذعن «جيغوية» بالعبوديّة له، ثم أباح حريمه حين تمرّد عليه، حتى بلغ السّبى إلى ولده وحابوناته؟ ؟ ؟ (٣)، وتوغّلت خيوله حتى توصلت إلى قبّتة ومنتهى عزّه؟ أو ليس مسكّن الهيج بالمشرق، حتى خبت (٤) النيران فيه، وأذعن رؤساؤها وقادتها أو ليس غازى بلاد بابل حين طغى [ملكها] وبدّل ونكث ونقض، حتى اجتثّ أرومته (٥)، وأباح حريمه، وأراح المسلمين من معرّته؟ أو ليس سادّ الثغور، ومحصّن عوراتها، والمباشر لتدبيرها، والمسعد المكايدة المنجح فيمن أرادها، وفاكّ العناة (٦) من رقّ الإسار، وناشر الرحمة على فقراء المسلمين وضعفائهم وأهل المسكنة والخلّة منهم، وقاسم الصّدقات فى أهلها، وعامر الموسم ومحصّنه من الآفات، حياطة للمسلمين فى حجّهم وما يتقربون به إلى ربهم؟

وهل اقترن لأحد من الأئمة ما اقترن له فى الملك والدين والعز والتواضع والسّعة والبذل والقدرة والعفو والغلظة واللّيان فى مواضعها، والنّسك مع الهمّة، والسّطوة مع الإقالة؟ وهل ترك معشر الأولياء والإخوان فى الدين غاية لم يسم بنا إلى شرفها، وعلىّ مراتبها، ومستزاد الحظّ فى عاجل وآجل لم يبلغناه؟ احتاز لنا خاصّ مكرمته، ومدّخر عاقبته، أرشدنا إلى الدين، وسلك بنا سبل الجنة، حازلنا الملك، فلم يبق وراء ما ملكنا غاية، وورد بنا الحروب وساسها لنا، فلم يدع غاية


(١) آتى فلانا: جازاه.
(٢) فى الأصل هكذا «والمبحبح» وتبحبح الدار، وفى الدار، وبحبح: إذا توسطها وتمكن من الحلول والمقام فيها، وربما كان «والمجتاح» من اجتاحه: إذا أهلكه واستأصله.
(٣) كذا فى الأصل، وقد يكون «وجواريه».
(٤) خبت النار تخبو: سكنت وطفئت.
(٥) فى الأصل «لدومته» وهو تحريف. الأرومة بالفتح وتضم: الأصل.
(٦) العناة: جمع عان، وهو الأسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>