للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند حشدك على الطّهر والزكاة والنّسك والتقوى؟ أم نشكرك عن المسلمين؟ فى رعايتك إياهم، وما ترعيهم من جنابك، وتنفى عنهم من الآفات، وتفلّ (١) عنهم من جبابرة الكفر، وتفضّ من جيوش الشرك والنّكث، وتفتح من الحصون المستصعبة، وتسهّل من الطرق الوعرة؟ أم نشكرك عن تواضعك لله عز وجل ولصالح المسلمين طلبا للرّفعة عند الله؟ أم نشكرك عن الدين؟ وقد جعلت السلطان عبدا وقائدا ومنفّذا، وكان مأمورا فجعلته آمرا، وآلة للقوة فجعلت القوة له آلة.

فيامن اتصل شكره بشكر الله عز وجل، ونعمته بنعمة الله تعالى، وطاعته بطاعة الله، فوهب الله لك شرف المنازل، ورقّاك درج الفضائل، وجزاك الله عنا وعن غيرنا، مما شكر من ناطق أو صامت، جزيل الثواب، ورفيع الدرجات، وأمتعك ما آتاك، وأمتع الأمة ما آتاهم منك، والحمد لله ذى الرّغبات، ومتمّم الصالحات، شكرا لربّ العالمين، فإنه مبلغ طاقتنا، ومنتهى جهدنا، وبه نستعين على تأدية فرائضه إنه لا يعين على ذلك إلا هو.

أحببت أن أشكر إليكم أمير المؤمنين- أيّده الله- إذ ورد علىّ من إنعامه وإفضاله ما لا أبلغه بالفعل، وأن يكون ما اقتصصنا عليكم داعيا لكم إلى أن تشكروه عنا وعن أنفسكم وعن الإسلام والمسلمين، ورجوت بما وفّقنا الله له فيما شرحنا وأوضحنا من الدلالة والبيان، أن يكون مجتمعا ينتفع به من حضرنا، ومن عسى أن يؤدّى إليه الخبر عنا، أو حدث بعدنا، وضننت بهذه المكرمة الرائعة والمأثرة البارعة التى ادّخرها الله لأمير المؤمنين- أعز الله نصره- وأفرده بها دون الأئمة والخلفاء، أن تمرّ بالأسماع صفحا، وتجتاز على القلوب سهوا، حتى تؤكّد بالشواهد والبرهان، ليبقى ذكرها ونفعها فى الخلوف والأعقاب.


(١) فل القوم كنصر: هزمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>