للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة معرفته، وإن أولاهم بردّ شهادته فى حكم الله ودينه، من ردّ شهادة الله على كتابه، وبهت (١) حقّ الله بباطله.

فاجمع من بحضرتك من القضاة، واقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين هذا إليك، فابدأ بامتحانهم فيما يقولون، وتكشيفهم عما يعتقدون فى خلق الله القرآن وإحداثه، وأعلمهم أن أمير المؤمنين غير مستعين فى عمله، ولا واثق فيما قلّده الله واستحفظه من أمور رعيته، بمن لا يوثق بدينه، وخلوص توحيده ويقينه، فإذا أقرّوا بذلك ووافقوا أمير المؤمنين فيه، وكانوا على سبيل الهدى والنجاة، فمرهم بنصّ (٢) من يحضرهم من الشهود على الناس، ومسألتهم عن علمهم فى القرآن؛ وترك إثبات شهادة من لم يقرّ أنه مخلوق محدث ولم يره، والامتناع من توقيعها عنده، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يأتيك عن قضاة أهل عملك فى مسألتهم، والأمر لهم بمثل ذلك، ثم أشرف عليهم وتفقّد آثارهم، حتى لا تنفذ أحكام الله إلا بشهادة أهل البصائر فى الدين، والإخلاص للتوحيد، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون فى ذلك إن شاء الله».

وكتب فى شهر ربيع الأول سنة ٢١٨ هـ.

*** وكتب المأمون إلى إسحق بن إبراهيم فى إشخاص سبعة نفر، فأشخصوا إليه، فامتحنهم وسألهم عن خلق القرآن، فأجابوا جميعا: أن القرآن مخلوق، فأشخصهم إلى مدينة السلام، وأحضرهم إسحق بن إبراهيم داره، فشهّر أمرهم وقولهم، بحضرة الفقهاء والمشايخ من أهل الحديث، فاقرّوا بمثل ما أجابوا به المأمون، فخلّى سبيلهم، وكان ما فعل من ذلك إسحق بن إبراهيم بأمر المأمون.

(كتاب بغداد لابن طيفور ٦: ٣٣٨؛ وتاريخ الطبرى ١٠: ٢٨٤)


(١) بهته كنفع: قذفه بالباطل وافترى عليه الكذب.
(٢) فصه: استقصى مسألته عن الشىء.

<<  <  ج: ص:  >  >>