للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمير المؤمنين يحمد الله كثيرا كما هو أهله، ويسأله أن يصلّى على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويرغب إلى الله فى التوفيق لطاعته، وحسن المعونة على صالح نيته برحمته، وقد تدبّر أمير المؤمنين ما كتبت به من أسماء من سألت عن القرآن، وما رجع إليك فيه كلّ امرئ منهم، وما شرحت من مقالتهم.

فأما ما قال المغرور بشر بن الوليد فى نفى التشبيه، وما أمسك عنه من أن القرآن مخلوق، وادّعى من تركه الكلام فى ذلك واستعهاده أمير المؤمنين (١)، فقد كذب بشر فى ذلك وكفر، وقال الزّور والمنكر، ولم يكن جرى بين أمير المؤمنين وبينه فى ذلك ولا فى غيره عهد ولا نظر أكثر من إخباره أمير المؤمنين من اعتقاده كلمة الإخلاص، والقول بأن القرآن مخلوق، فادع به إليك، وأعلمه ما أعلمك به أمير المؤمنين من ذلك، وانصصه عن قوله فى القرآن، واستتبه منه، فإن أمير المؤمنين يرى أن تستتيب من قاله بمقالته، إذ كانت تلك المقالة الكفر الصّراح، والشّرك المحض عند أمير المؤمنين، فإن تاب منها فأشهر أمره وأمسك عنه، وإن أصرّ على شركه، ودفع أن يكون القرآن مخلوقا بكفره وإلحاده، فاضرب عنقه وابعث إلى أمير المؤمنين برأسه إن شاء الله.

وكذلك إبراهيم بن المهدى فامتحنه بمثل ما تمتحن به بشرا، فإنه كان يقول بقوله، وقد بلغت أمير المؤمنين عنه بوالغ، فإن قال إن القرآن مخلوق، فأشهر أمره واكشفه، وإلّا فاضرب عنقه، وابعث إلى أمير المؤمنين برأسه إن شاء الله.


(١) وذلك أنه لما امتحنه إسحق بن إبراهيم قال: ما تقول فى القرآن؟ فقال: قد عرفت مقالتى لأمير المؤمنين غير مرة، قال: فقد تجدد من كتاب أمير المؤمنين ما قد ترى، فقال: أقول القرآن كلام الله، قال: لم أسألك عن هذا، أمخلوق هو؟ قال: الله خالق كل شىء، قال: ما القرآن شىء؟
قال: هو شىء، قال: فمخلوق؟ قال: ليس بخالق: قال. ليس أسألك عن هذا، أمخلوق هو؟
قال: ما أحسن غير ما قلت لك، وقد استعهدت أمير المؤمنين أن لا أتكلم فيه، وليس عندى غير ما قلت لك، فأخذ إسحق بن إبراهيم رقعة كانت بين يديه فقرأها عليه، ووقفه عليها فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله أحدا فردا، لم يكن قبله شىء ولا بعده شىء ولا يشبهه شى من خلقه فى معنى من المعانى ولا وجه من الوجوه» قال: نعم وقد كنت أضرب الناس على دون هذا، فقال للكاتب:
اكتب ما قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>