للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردا مكشوفا، وجحد حكمه جحدا ظاهرا، فى ولد الفراش وما يجب للعاهر (١)، مع اجتماع الأمة أن سميّة لم تكن لأبى سفيان فراشا، وأنه إنما كان بها عاهرا، فخرج بذلك من حكم الفجّار إلى حكم الكفار، أو ليس قتل حجر (٢) بن عدىّ، وإطعام عمرو بن العاص خراج مصر، وبيعة يزيد الخليع، والاستئثار بالفىء، واختيار الولاة على الهوى، وتعطيل الحدود بالشّفاعة والقرابة، من جنس جحد الأحكام المنصوصة، والشرائع المشهورة، والسنن المنصوبة! ؟ وسواء فى باب ما يستحق من الكفار، جحد الكتاب، وردّ السنّة إذ كانت السنة فى شهرة الكتاب وظهوره، إلا أن أحدهما أعظم، وعقاب الآخرة عليه أشدّ، فهذه أول كفرة كانت من الأمة، ثم لم تكن إلا فيمن يدّعى إمامتها والخلافة عليها! على أن كثيرا من أهل ذلك العصر قد كفروا بترك إكفاره، وقد أربت (٣) عليهم نابتة عصرنا، ومبتدعة دهرنا، فقالت: «لا تسبّوه فإن له صحبة! وسبّ معاويه بدعة، ومن يبغضه فقد خالف السّنّة» فزعمت أن من السّنة ترك البراءة ممن جحد السنة! ثم الذى كان من يزيد ابنه، ومن عماله وأهل نصرته، ثم غزو مكّة، ورمى الكعبة (٤)، واستباحة المدينة (٥)، وقتل الحسين (٦) عليه السلام فى أكثر أهل بيته، مصابيح الظلام، وأوتاد الإسلام، بعد الذى أعطى من نفسه، من تفريق أتباعه، والرجوع إلى داره وحرمه، أو الذهاب فى الأرض حتى لا يحسّ به، أو المقام حيث أمر به، فأبوا إلا قتله، والنزول على


(١) يعنى استلحاقه زيادا وقد تقدم خبر ذلك فى الجزء الثانى ص ٣٤.
(٢) انظر الجزء الثانى ص ٤٥.
(٣) أربت: زادت. والنابتة: الناشئة.
(٤) يعنى غزو مكة فى عهد يزيد. سار إليها حصين بن نمير السكونى فى جيش من أهل الشام بعد فراغهم من وقعة الحرة بالمدينة لقتال عبد الله بن الزبير سنة ٦٤، وقد قذفوا البيت الحرام بالمجانيق وحرقوه بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون.
خطارة مثل الفنيق المزبد ... نرمى بها أعواد هذا المسجد
(والفنيق: الفحل المكرم لا يؤذى ولا يركب، لكرامته على أهله) - انظر تاريخ الطبرى ٧: ١٤ - .
(٥) يشير إلى وقعة الحرة. انظر الجزء الثانى ص ٨٩.
(٦) انظر الجزء الثانى ص ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>