للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات» وقال الله عز وجل «وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً» وقال «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» وقال «وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» وقالوا: فى الصبر على النائبة وفى عاقبة الصبر:

«عند الصباح يحمد القوم السّرى (١) وقالوا: «الغمرات، ثم ينجلين (٢)» وقال الخزيمى:

ودون النّدى فى كل قلب ثنيّة ... لها مصعد حزن ومنحدر سهل (٣)

وودّ الفتى فى كل نيل ينيله ... (إذا ما انقضى) لو أن نائله جزل (٤)

وقالوا: خير الناس خير الناس للناس، وشر الناس شر الناس للناس» وقالوا:

«خير مالك ما نفعك» وقالوا: «عجبا لفرط الكبرة مع شباب الرّغبة (٥)» وقال الراجز:


(١) أول من قال ذلك خالد بن الوليد لما بعث إليه أبو بكر رضى الله عنهما وهو باليمامة: أن سر إلى العراق، فأراد سلوك المفازة، فقال له رافع الطائى: قد سلكتها فى الجاهلية، هى خمس للابل الواردة (والحمس بالكسر من أظماء الإبل، وهى أن ترعى ثلاثة أيام وترد الرابع) ولا أظنك تقدر عليها إلا أن تحمل من الماء، فاشترى مائة شارف (والشارف: المسن الهرم من الإبل) فعطشها ثم سقاها الماء حتى رويت. ثم كتبها (أى ختم حياءها) وكعم أفواهها (أى شدها) ثم سلك المفازة، حتى إذا مضى يومان وخاف العطش على الناس والخيل، وخشى أن يذهب ما فى بطون الإبل، نحر الإبل واستخرج ما فى بطونها من الماء فسقى الناس والخيل ومضى، فلما كان فى الليلة الرابعة قال رافع: انظروا، هل ترون سدر اعظاما (والسدر بالكسر: شجر النيق) فإن رأيتموها وإلا فهو الهلاك، فنظر الناس فرأوا السدر فأخبروه فكبر وكبر الناس ثم هجموا على الماء فقال خالد من أبيات:
عند الصباح يحمد القوم السرى ... وتنجلى عنهم غيابات الكرى
يضرب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة.
(٢) يروى «الغمرات» وكأنه قال: هى الغمرات، أو القصة الغمرات تظلم ثم تنجلى. ويروى «غمرات». أى هذه غمرات وهى الشدائد جمع غمرة لأنها تغمر الواقع فيها بشدتها: أى تقهره، والمثل للأغلب العجلى، يضرب فى احتمال الأمور العظام والصبر عليها.
(٣) الثنية: المكان المرتفع الصعب المطلع، أى إن الكرم شاق على النفس- لأن الفضيلة شاقة ولولا مشقتها لاد الناس جميعا.
(٤) الجزل: العظيم.
(٥) أى عجبا لامرىء هرم فان ورغبته فى الجمع والكدح فتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>