للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تجشّا واحدة لو أنّ عليها رحى لطحنت» ومن ذلك قول الآخر حين دخل على قوم وهم يشربون، وعندهم قيان، فقالوا: اقترح أىّ صوت شئت، قال: «أقترح نشيش (١) مقلى» ومن ذلك قول المدينىّ (٢): «من تصبّح بسبع موزات، وبقدح من لبن (٣) الأوارك، تجشّأ بخور (٤) الكعبة». ومن ذلك قولهم لبعض هؤلاء- وقدّامهم خبيص (٥) -: «أيّما أطيب: أهذا أم الفالوذج (٦)، أم اللّوزينج (٧)؟

قال: «لا أقضى على غائب» ومن ذلك كلام الجارود بن أبى سبرة لبلال بن أبى بردة حين قال له: صف لى عبد الأعلى (٨) وطعامه، قال: «يأتيه الخبّاز فيمثل بين يديه، فيقول: ما عندك؟ فيقول: عندى جدى كذا، وعناق (٩) كذا، وبطّة كذا، حتى يأتى على جميع ما عنده» قال: وما يدعوه إلى هذا؟ قال: «ليقتصد (١٠) كلّ أمرئ فى الأكل، حتى إذا أتى بالذى يشتهى بلغ منه حاجته» قال: ثم ماذا؟ قال:

«ثم يؤتى بالمائدة فيتضايقون (١١) حتى يخوّى تخوية الظّليم (١٢)، فيجدّون ويهزل،


(١) النشيش: صوت غليان القدر والمقلى ونحوهما.
(٢) قال فى القاموس: «والنسبة إلى مدينة النبى صلى الله عليه وسلم مدنى، وإلى مدينة المنصور وأصفهان وغيرهما مدينى».
(٣) الإبل الأوارك: التى اعتادت أكل الأراك، وفى النسخ «من لبن الأوداك».
(٤) فى النسخ «بحوز» وهى غير مفهومة.
(٥) الخبيص: نوع من الحلواء، قال صاحب القاموس: يعمل من التمر والسمن.
(٦) الفالوذ والفالوذج والفالوذق: حلواء، قال صاحب اللسان: تسوى من لب الحنطة، فارسى معرب، وسمع الحسن رجلا يعيب الفالوذج فقال: لباب البر بلعاب النحل بخالص السمن، ماعاب هذا مسلم (العقد الفريد ٣: ٣١٢ وعيون الأخبار ٩: ٢٠٣) وقال الجاحظ فى البخلاء ص ١٩٣: ومدحه أمية بن أبى الصلت فقال:
إلى ردح من الشيزى عليها ... لباب البر يلبك بالشهاد
(٧) اللوزينج: حلواء شبه القطائف تؤدم بدهن اللوز، فارسى معرب.
(٨) يعنى عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر.
(٩) العناق: الآنثى من ولد المعز.
(١٠) فى الأصل «ليقتصر» وهو تحريف.
(١١) أى أخذ كل واحد يضيق مكانه حول المائدة حتى تتسع لهم جميعا.
(١٢) الضمير فى نجوى يعود إلى عبد الأعلى، وخوى: فرج ما بين عضديه وجنبيه، والظليم:
ذكر النعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>