للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو المعافى:

إن التوانى أنكح العجز بنته ... وساق إليها حين زوّجها مهرا (١)

فراشا وطيئا ثم قال لها اتّكى ... فقصر كما لا بدّ أن تلدا الفقرا (٢)

وقال عثمان بن أبى العاص: «ساعة لدنياك وساعة لآخرتك».

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» وقال: «خير الصّدقة ما أبقى غنى، واليد العليا خير من اليد السّفلى (٣)، وابدأ بمن تعول» وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «الثلث، والثلث كثير، إنّك أن تدع ولدك أغنياء خير من أن يتكفّفوا الناس» وقال ابن عباس: «وددت أن الناس غضّوا من الثلث شيئا، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «الثلث، والثلث كثير» وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت».

وأنتم ترون أن المجد والكرم أن أفقر نفسى بإغناء غيرى، وأن أحوط عيال غيرى بإضاعة عيالى، وقال فى ذلك ابن هرمة:

كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحا (٤)

وقال آخر:

كمفسد أدناه ومصلح غيره ... ولم يأتمر فى ذاك أمر صلاح


(١) أى أن التوانى زوج ابنته للعجز ولم يكلفه مهرا، بل بعث إليه بابنته وساق معها مهرها.
(٢) فراشا بدل من مهرا: أى ثم قال لها اتكئى على هذا الفراش الوثير واستريحى ولا تعملى شيئا، وقصرك أن تفعل كذا، وقصارك بالفتح وبضم وقصيراك وقصارك بضمهما: أى جهدك وغايتك، أى غاية أمركما التى لا مناص منها أن تلدا مولودا اسمه الفقر.
(٣) اليد العليا: المعطية. والسفلى: المعطاة.
(٤) يعنى النعامة، وقد ضربوا بها المثل فى الحمق فقالوا «أحمق من نعامة» قال الميدانى فى شرحه «وذلك أنها تنتشر للطعم فربما رأت بيض نعامة أخرى قد انتشرت لمثل ما انتشرت هى له فتحضن بيضها وتنسى بيض نفسها، ثم تجىء الأخرى فترى غيرها على بيض نفسها، فتمر لطيتها (أى لوجهها) وإياها عنى ابن هرمة بقوله: كتاركة بيضها ... » ثم قال «وزعم أبو عبيدة أن ابن هرمة عنى بقوله: كتاركة بيضها الحمامة التى تحضن بيض غيرها وتضيع بيض نفسها».

<<  <  ج: ص:  >  >>