فحرّم على المسلمين من مآكل أهل الأديان أرجسها وأنجسها، ومن شرابهم أدعاه إلى العداوة والبغضاء، وأصدّه عن ذكر الله وعن الصلاة، ومن مناكحهم أعظمها عنده وزرا، وأولاها عند ذوى الحجا والألباب تحريما، ثم حباهم محاسن الأخلاق، وفضائل الكرامات، فجعلهم أهل الإيمان والأمانة، والفضل والتراحم، واليقين والصدق، ولم يجعل فى دينهم التقاطع والتدابر، ولا الحميّة ولا التكبّر، ولا الخيانة ولا الغدر، ولا التّباغى ولا التظالم، بل أمر بالأولى، ونهى عن الأخرى، ووعد وأوعد عليها جنّته وناره، وثوابه وعقابه، فالمسلمون بما اختصّهم الله من كرامته وجعل لهم من الفضيلة بدينهم الذى اختاره لهم، بائنون على الأديان بشرائعهم الزاكية، وأحكامهم المرضيّة الطاهرة، وبراهينهم المنيرة، وبتطهير الله دينهم بما أحلّ وحرّم فيه لهم وعليهم، قضاء من الله عز وجل فى إعزاز دينه حتما، ومشيئة منه فى إظهار حقه ماضية، وإرادة منه فى إتمام نعمته على أهله نافذة «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» وليجعل الله الفوز والعاقبة للمتقين، والخزى فى الدنيا والآخرة على الكافرين.
وقد رأى أمير المؤمنين- وبالله توفيقه وإرشاده- أن يحمل أهل الذّمة جميعا بحضرته وفى نواحى أعماله أقربها وأبعدها، وأخصّهم وأخسّهم، على تصيير