للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتحنت بدون ما ادّعيت، أحجمت وتعاديت (١)، وإن كلّفت مضاهاته هذيت وعويت، ظاهر إسلامك تقيّة، وسريرته مدخولة رديّة، تضغث (٢) فى الخبر عن الرسول، وتدفع المعروف منه بالمجهول، ودّك تخلّق، وشكرك تملّق، ولطفك متعسّف، وظرفك متسكلّف، أعظم المصائب عندك نيل حرمته، لا تحفل مع إدراكه بشىء عدمته، إرثك عن أبيك السّعاية، ونقل الأخبار والوشاية، لا يعرف له غيرها طعمة (٣)، ولم يكن له إلّا بها نعمة، مشهور بذلك فى مصره، غير مرتاب من أمره، ثم أنت تبسط لسانك فى الأحرار، وتتطاول على ذوى المروءات والأقدار، فلا أصل راسخ، ولا فرع شامخ، ولا نسب معروف، ولا أدب موصوف، أغراك حلمنا [عليك بالتطاول] (٤) علينا، وإبطاؤنا عنك بالتسرّع إلينا، فتأنّيناك (٥) وراقبناك، واحتججنا عليك [فلم تنكر معتذرا] ولم تقصر مزدجرا، بل (٦) لم تجبنى عن واحد منها، تعابيا (٧) بها وعجزا عنها ثم أوهمت أخلاطا من الناس أهل جهل بالتمييز والقياس- لا ينظرون بفهم. ولا يحكمون بعلم، ولا ينزلون الأمور منازلها، ولا يعرفون حقّها وباطلها، يظنّون البلاغة فى الهذر (٨)، ويكتفون بالمنظر من الخبر- أنك مترفّع (٩) عن جوابى. وغير محتفل بعتابى، ومنّتك نفسك-


(١) تعادى: تباعد.
(٢) ضغث الحديث كمنع: خلطه، وفى الأصل «تصعث» وهو تصحيف.
(٣) الطعمة: وجه المكسب.
(٤) ما بين القوسين بياض بالأصل، وقد أتممت الجملة بما يناسب المقام.
(٥) تأنيته: انظرته وتأخرت فى أمره ولم أعجل، وفى الأصل هكذا «فتأنيناك».
(٦) فى الأصل: «ولم تقصر مزدجرا بتالم تجبنى عن واحد منها ... » ويظهر أنه قد سقط من الناسخ هنا كلام، بدليل أن الضمير فى «منها» لم يتقدم له مرجع، وأن كلمة «بتا» إن صحت فليس لها موقع فى معنى العبارة.
(٧) عىّ بالأمر وعي كرضى وتعايا واستعيا وتعيا: ولم يهتد لوجه مراده، أو عجز عنه ولم يطق إحكامه.
(٨) الهذر: سقط الكلام.
(٩) فى الأصل «متوقع» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>