للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّى يكون بليغا ... من اسمه كان عيّا

وثالث الحرف منه ... إذا كتبت مسيّا (١)

وبلغنى أن بعض الكتاب عاد بعض الملوك فوجده يئنّ من علّة، فخرج من عنده، ومر بباب الطاق، وإذا بطير يدعى «الشفانين (٢)» فاشتراه وبعث به إليه، وكتب كتابا يتنطّع فى بلاغته، وذكر أنه يقال له شفانين، وأرجو أن يكون شفاء من أنين، فوقع فى أسفل الكتاب: «والله لو عطست ضبّا لم تكن عندى إلا نبطيّا (٣)، فأقصر (٤) عن تنطّعك، وسهّل كلامك، وفى هذا المعنى قال مخلد الموصلىّ يهجو حبيب بن أوس الطّائى:

أنت عندى عربىّ ... ليس فى ذاك كلام

شعر ساقيك وفخذي ... ك خزامى وتمام (٥)

وقذى عينيك صمغ ... ونواصيك شبام (٦)

وضلوع الصّدر من شل ... وك نبع وبشام (٧)


(١) مسيا مسهل عن مسيئا بمعنى سيئ، يريد أن الشطر الثانى من اسمه «سى» يشبه رسمه رسم «سىء».
(٢) عده الجاحظ فى أنواع الحمام، وقيل: هو الذى تسميه العامة اليمام- انظر كلمة عنه «فى حياة الحيوان الكبرى» للدميرى ٢: ٧٤.
(٣) فسره فى العقد قال: «قوله: لو عطست ضبا: يريد أن الضباب من طعام الأعراب، وفى بلدهم يقال: لو عطست فنثرت ضبا من عطاسك لم تلحق بالأعراب ولم تكن إلا نبطيا، وقد جاء فى بعض الحديث: إن القط من نثرة عطسة الأسد، وإن الفأر من نثرة عطسة الخنزير، فقال هذا: لون أن الضب من نثرتك لم تكن إلا نبطيا» اه. والنبط: قوم كانوا ينزلون بالبطائح بين العراقين.
(٤) أى كف، وفى الأصل «فأقصر عن بعضك» وهو تحريف.
(٥) الخزامى: نبت زهره أطيب الأزهار نفعة، والثمام: نبت أيضا.
(٦) فى العقد «شعام» وهو محرف، وأرى أن صوابه «شبام» وهو نبات يشب (أى تحسن) به لون الحناء.
(٧) الشلو: الجسد من كل شىء، والنبع: شجر للقسى والسهام، والبشام: شجر عطر الرائحة يستاك بقضبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>