للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» ثم أثنى عزّ وجل بفضل منزلة المجاهدين على القاعدين عنده، وما وعدهم من جزائه ومثوبته وما لهم من الزّلفى عنده فقال: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً، وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى، وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً».

فبالجهاد اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم، وجعل جنّته ثمنا لهم، ورضوانه جزاء لهم على بذلها وعدا منه حقّا لا ريب فيه، وحكما عدلا لا تبديل له، قال الله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ، فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» وحكم الله عز وجل لأحياء المجاهدين بنصره، والفوز برحمته، وأشهد لموتاهم بالحياة الدائمة، والزّلفى لديه، والحظ الجزيل من ثوابه، فقال:

«وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ».

وليس من شىء يتقرب به المؤمنون إلى الله عز وجل من أعمالهم، ويسعون به فى حطّ أوزارهم، وفكاك (١) رقابهم، ويستوجبون به الثواب من ربهم، إلّا والجهاد عنده أعظم منه منزلة، وأعلى لديه رتبة، وأولى بالفوز فى العاجلة والآجلة، لأن


(١) فكاك الرهن بالفتح ويكسر: ما يفتك به.

<<  <  ج: ص:  >  >>