للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهله بذلوا لله أنفسهم، لتكون كلمة الله هى العليا، وسمحوا بها دون من وراءهم من إخوانهم وحريم المسلمين وبيضتهم، ووقموا (١) بجهادهم العدوّ.

وقد رأى أمير المؤمنين- لما يحبّه من التقرب إلى الله بجهاد عدوه، وقضاء حقّه عليه فيما استحفظه من دينه، والتماس الزّلفى له فى إعزاز أوليائه، وإحلال البأس والنّقمة بمن حاد عن دينه، وكذّب رسله، وفارق طاعته- أن ينهض «وصيفا» مولى أمير المؤمنين فى هذا العام إلى بلاد أعداء الله الكفرة الرّوم غازيا، لما عرّف الله أمير المؤمنين من طاعته ومناصحته، ومحمود تعبئته، وخلوص نيّته فى كل ما قرّبه من الله ومن خليفته.

وقد رأى أمير المؤمنين- والله ولىّ معونته وتوفيقه- أن يكون موافاة «وصيف» فيمن أنهض أمير المؤمنين معه من مواليه وجنده وشاكريّته (٢) ثغر ملطية (٣)، لا ثنتى عشرة ليلة تخلو من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، وذلك من شهور العجم للنّصف من حزيران، ودخوله بلاد أعداء الله فى أول يوم من تموز.

فاعلم ذلك واكتب إلى عمالك على نواحى عملك بنسخة كتاب أمير المؤمنين هذا، ومرهم بقراءته على من قبلهم من المسلمين، وترغيبهم فى الجهاد وحثّهم عليه، واستنفارهم إليه، وتعريفهم ما جعل الله من الثواب لأهله، ليعمل ذوو النيّات والحسبة والرغبة فى الجهاد على حسب ذلك فى النهوض إلى عدوّهم، والخفوف إلى معاونة إخوانهم، والذّياد عن دينهم، والرمى من وراء حوزتهم، بموافاة عسكر «وصيف»


(١) أى أذلوا وقهروا.
(٢) الشاكرى: الأجير والمستخدم.
(٣) قال ياقوت فى معجمه «ملطية» بفتح أوله وثانيه وسكون الطاء وتخفيف الياء، والعامة تقوله بتشديد الياء وكسر الطاء: بلدة من بلاد الروم مشهورة مذكورة تتاخم الشام».

<<  <  ج: ص:  >  >>