للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فالحمد لله المنعم فلا يبلغ أحد شكر نعمته، والقادر فلا يعارض فى قدرته، والعزيز فلا يذلّ فى أمره، والحكم العدل فلا يردّ حكمه، والناصر فلا يكون نصره إلا للحق وأهله، والمالك لكل شىء فلا يخرج أحد عن أمره، والهادى إلى سبيل رحمته فلا يضلّ من انقاد لطاعته، والمقدّم إعذاره ليظاهر به حجّته، الذى جعل دينه لعباده رحمة، وخلافته لدينه عصمة، وطاعة خلفائه فرضا واجبا على كافّة الأمة، فهم المستحفظون فى أرضه على ما بعث به رسله، وأمناؤه على خلقه فيما دعاهم إليه من دينه، والحاملون لهم على منهاج حقّه، لئلا تتشعّب بهم الطّرق المخالفة لسبيله، والهادون لهم إلى صراطه، ليجمعهم على الجادّة (١) التى ندب إليها عباده، بهم حمى الدين من البغاة الطاغين، وحفظت معالم الحق من الغواة المخالفين، محتجّين على الأمم بكتاب الله الذى استعملهم به، ورعاة للأمر بحق الله الذى اختارهم له، إن جادلوا كانت حجة الله معهم، وإن حاربوا حكم بالنصر لهم، وإن جاهدوا كانت فى طاعة الله نصرهم، وإن بغاهم عدو كانت كفاية (٢) الله حائلة دونهم، ومعقلا لهم، وإن كادهم كائد فالله من وراء عونهم، نصبهم الله لإعزاز دينه، فمن عاداهم فإنما عادى الدين الذى أعزّه وحرسه بهم، ومن ناوأهم (٣) فإنما طعن على الحق الذى يكلؤه بحراستهم. جيوشهم بالرّعب (٤) منصورة، وكتائبهم بسلطان الله من عدوهم محوطة (٥)، وأيديهم بذبّها عن دين الله عالية، وأشياعهم بتناصرهم فى الحق غالبة، وأحزاب أعدائهم ببغيهم مقموعة (٦)، وحجتهم عند الله وعند خلقه داحضة (٧)، ووسائلهم إلى النصر مردودة، وأحكام الله بخذلانهم واقعة


(١) الجادة: الطريق الواضح، وندبه إلى الأمر كنصر: دعاه وحثه.
(٢) وفى المنظوم والمنثور «نكاية».
(٣) ناوأه: عاداه ويكلؤه: يحرسه ويحفظه.
(٤) وفى الطبرى «بالنصر والعز».
(٥) وفيه «محفوظة» وأيديهم عن دين الله دافعة».
(٦) قمعه كمنعه: قهره وأذله.
(٧) دحضت الحجة كمنع: بطلت، وفى الطبرى «راخصة» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>