وأقداره بإسلامهم إلى أوليائه جارية، وعادته فيهم وفى الأمم السالفة والقرون الخالية ماضية، ليكون أهل الحق على ثقة من إنجاز سابق الوعد، وأعداؤه محجوجين بما قدّم إليهم من الإنذار، معجّلة لهم نقمة الله بأيدى أوليائه، معدّا لهم العذاب عند ربهم، والخزى موصول بنواصيهم فى دنياهم، وعذاب الآخرة من ورائهم، وما الله بظلّام للعبيد، وصلّى الله على نبيه المصطفى، ورسوله المرتضى، والمنقذ من الضلالة إلى الهدى، صلاة تامّة نامية بركاتها، دائما اتصالها، وسلّم تسليما، والحمد لله تواضعا لعظمته، والحمد لله إقرارا بربوبيّته، والحمد لله اعترافا بقصور أفصى منازل الشكر عن أدنى منزلة من منازل كرامته، والحمد لله الهادى إلى حمده، والموجب به مزيده، والمحصى به عوائد إحسانه، حمدا يرضاه ويتقبّله، ويوجب طوله وإفضاله، والحمد لله الذى حكم بالخذلان على من بغى على أهل دينه، وسبق وعده بالنصر لمن بغى عليه من أنصار حقه، وأنزل بذلك كتابه العزيز موعظة للباغين، فإن أقلعوا كانت التذكرة نافعة لهم، والحجّة عند الله لمن قام بها فيهم، ثم أوجب بعد التذكرة والإصرار جهادهم، فقال فيما قدّم من وعده، وأبان من برهانه: ومن «بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ» وعدا من الله حقا، نهى به أعداءه عن معصيته، وثبّت به أولياءه على سبيله، والله لا يخلف الميعاد.
ولله عند أمير المؤمنين- فى رئيس دعوته، وسيف دولته، والمحامى عن سلطانه، ومحلّ ثقته، والمتقدّم فى طاعته ونصيحته لأوليائه، والذّابّ عن حقه، والقائم بمجاهدة أعدائه، محمد بن عبد الله مولى أمير المؤمنين- نعمة يرغب إلى الله فى إتمامها، والتوفيق لشكرها، والتطوّل بمن أراد المزيد فيها، فإن الله قدّر لآبائه القيام بالدعوة الأولى لآباء أمير المؤمنين، ثم جمع له آثارهم بقيامه بالدولة الثانية، حين حاول