وأمره أن يكون أول ما يعنى به ويقدّمه، ويراعيه ويؤثره، إقامة الصلاة لمواقيها، بإتمام ركوعها وسجودها، وأداء فرض الله فيها؛ إذ كانت عماد الدين، وأفضل ما تقرّب به المؤمنون، وكان من أضاعها وقصّر فى واجبها، أشدّ تضييعا لما سواها من حقوق الله عز وجل وفرائضه ودينه وشرائعه «وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ».
وأمره أن يلهم نفسه فى كل حال من حالاته، وصغير وكبير من أمره، ذكر الله جل ثناؤه، وقدرته عليه، وألّا يمضى أمرا إلا بعد استخارة الله عز وجل فيه، واستقضائه فى ذلك بالذى هو له أرضى، وعنده أزكى، فإن العاقبة للتقوى، وإن أفضل الأمور خيرها عاقبة، وأحمدها مغبّة، وما التوفيق إلا بالله، عليه يتوكل المتوكّلون:
وأمره أن يحسن الولاية لأهل عمله، والسياسة لمن استرعى أمره، ويكثر الجلوس لهم، والنظر فى أمورهم، ويفيض العدل والنّصفة فيهم، ويكفّ العدو الظالم عنهم، ويسوّى الحق بين كافّتهم، ولا يميل إلى شريف فى شرفه، ولا على خامل لسقوط منزلته، وأن يختار لولاية أعماله حاضرها ونائيها، وقريبها وبعيدها، ذوى العفاف والشهامة والكفاية، ويوعز إليهم فى الرفق بأهلها، والتألّف لمن حسنت طاعته، واستقامت طريقته، والشدة على من خالف الحقّ مذهبه، ولا يكون لأحد عنده إغضاء عن ريبة يشتمل عليها، وسبيل غير محمودة يسلكها، فإن فى إقامة الحق صلاحا وخيرا كثيرا، وفى التّفريط ضررا وخللا عظيما.
وأمره أن يتفقّد من معه من موالى أمير المؤمنين وأوليائه، ويحسن صحبتهم وعشرتهم ويتفقّد أمورهم ومصلحتهم، ويراعى أحوالهم فى طاعتهم ومناصحتهم ومذاهبهم فيما يصرّفهم فيه، ويهيب (١) بهم إليه، وينزلهم منازلهم على حسب ما يحمد ويذمّ منهم، ليزداد محسنهم فى إحسانه، وينزع مقصّرهم عن تقصيره.