للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسناده عن المخنّثين، وبلاغته فى ذم الصالحين، وطرفه قذف المحصنات (١)، وسعيه فى كسب السيئات وخلوته لاقتراف السّوءات وتمنّى الشهوات، أحسن عنده من مدحه الأفراط فى ذمّه، كما أنه أجمل من وصله المقام على صرمه (٢).

هذا قليل من كثير ما أعرف عنه، ويسير فى (جنب ما (٣)) يوصف منه، فأنى يا أخى اخترته؟ ولأىّ شىء علىّ آثرته؟ ....... (٤) وأىّ أموره استلنت؟

أتنديده بالإخوان (٥)، أم محافظته على الخوان (٦)، أم أنسه بالخيانة، أم شتمه الصحابة، أم مؤاكلته الكلاب، أم مقامه على الاغتياب، أم نتن رائحته، أم سوء معاشرته، أم ملاله وضجره، أو وضره وبخره (٧)؟ أم وصلته حين قطعته، واخترته حين اطّرحته؟ .

وإن مما حقّق ظنى بك فيه، أنك لم تكن له زوّارا فواظبت عليه، وكنت عنه متثاقلا فأسرعت إليه، وله ذامّا فلسانك رطب بمدحه، حتى كأنك إلى غاية مكروهى أجريت فى أمره، وإلا فكيف أنست بالجانب الوحشىّ من الثّقة، وأوحشت الجانب المعمور لك بالأنس والمقة، وقد تظاهرت عليه بما قلت الشهادة، وهتفت به الألسن من كل ناحية، وتحاماه كل ذى دين ومروءة، فأعطيت المودة غير أهلها، ومنحت الجفوة غير مستحقّها، ووصلت من قطعك، وقطعت من وصلك.


(١) المحصنة: العفيفة أو المتزوجة، قال ثعلب: كل امرأة عفيفة فهى محصنة بفتح الصاد وكسرها وكل امرأة متزوجة فهى محصنة بالفتح لا غير.
(٢) أى قطعه.
(٣) ما بين القوسين بياض بالأصل، وقد تممت به الجملة.
(٤) بياض بالأصل.
(٥) ندد به: صرح بعيوبه وشهره وسمع به، وفى الأصل «أتنديدا على الإخوان» والذى فى كتب اللغة تعدية هذا الفعل بالباء.
(٦) الخوان: كغراب وكتاب: ما يؤكل عليه الطعام، والمراد به الطعام.
(٧) وضره: أى وسخه وقذره، وأصل الوضر: وسخ الدسم واللبن، والبخر: نتن الفم.

<<  <  ج: ص:  >  >>